(معقل) أن يراجعها له (فنزلت: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}) وهذا صريح في نزول هذه الآية في هذه القصة، ولا يمنع ذلك ظاهر الخطاب في السياق للأزواج حيث وقع فيها {وإذا طلقتم النساء} لكن قوله في بقيتها {أن ينكحن أزواجهن} ظاهر في أن العضل يتعلق بالأولياء، وفيه أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها وأنه لا بد في النكاح من ولي إذ لو تمكنت من ذلك لم يكن لعضل الولي معنى، ولا يعارض بإسناد النكاح إليهن لأنه بسبب توقفه على إذنهن. وفي هذه المسألة خلاف يأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته محررًا في موضعه من كتاب النكاح.
({والذين يتوفون}) وفي نسخة باب والذين يتوفون أي يموتون ({منكم ويذرون}) يتركون ({أزواجًا يتربصن}) بعدهم ({بأنفسهن}) فلا يتزوجن ولا يخرجن ولا يتزين ({أربعة أشهر وعشرًا}) من الليالي، ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا المقدار أن الجنين في غالب الأمر يتحرك لثلاثة أشهر إن كان ذكرًا ولأربعة إن كان أنثى واعتبر أقصر الأجلين وزيد عليه العشر استظهارًا إذ ربما تضعف حركته في المبادئ فلا يحس بها ولا يخرج عن ذلك إلا المتوفى عنها زوجها وهي حامل فإن عدتها بوضع الحمل ولو لم تمكث بعده سوى لحظة لعموم قوله تعالى:{وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}[الطلاق: ٤] والأمة فإن عدتها على النصف من عدة الحرة شهران وخمس ليال لأنها لما كانت على النصف من الحرة في الحدّ فكذلك في العدة. وكان
ابن عباس يرى أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع وأربعة أشهر وعشر للجمع بين الآيتين، وهو مأخذ جيد ومسلك قوي لولا ما ثبتت به السنّة في حديث سبيعة الأسلمية الآتي إن شاء الله تعالى قريبًا بحول الله وقوّته، وتأنيث العشر باعتبار الليالي لأنها غرر المشهور والأيام تبع، ولذلك لا يستعملون التذكير في مثله قط ذهابًا إلى الأيام حتى أنهم يقولون: صمت عشرًا ويشهد له قوله: {إن لبثتم إلا عشرًا}[طه: ١٠٣] و {إن لبثتم إلا يومًا}[طه: ١٥٤]({فإذا بلغن أجلهن}) انقضت عدتهن ({فلا جناح عليكم}) أي فلا إثم عليكم أيها الأولياء أو المسلمون ({فيما فعلن في أنفسهن}) من التعرض للخطاب والتزين وسائر ما حرم للعدة ({بالمعروف}) بالوجه الذي لا ينكره الشرع ({والله بما تعملون خبير})[البقرة: ٢٣٤] فيجازيكم عليه وسقط قوله: {فإذا بلغن} الخ لغير أبي ذر وقال إلى {بما تعملون خبير}.
(يعفون) أي من قوله تعالى: {فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون}[البقرة: ٢٣٤] قال ابن عباس وغيره: (يهبن) من الهبة أي المطلقات فلا يأخذن شيئًا، والصيغة تحتمل التذكير والتأنيث يقال: الرجال يعفون والنساء يعفون. قالوا: وفي الأوّل ضمير والنون علامة الرفع، وفي الثاني لام الفعل والنون ضمير النساء، ولذلك لم يؤثر فيه أن هاهنا ونصب المعطوف وسقط قوله يعفون يهبن لأبي ذر.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (أمية بن بسطام) بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد التحتية وبسطام بكسر الموحدة وسكون المهملة ابن المنتشر العيشي البصري قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء مصغرًا (عن حببب) هو في اليونينية بالحاء المهملة هو ابن الشهيد كما صرح به المؤلّف قريبًا، ووقع في الفرع هنا خبيب بالخاء المعجمة المضمومة فالله أعلم أو هو سهو الأزدي الأموي البصري (عن ابن أبي مليكة) عبد الله أنه قال: (قال ابن الزبير) عبد الله: (قلت لعثمان بن عفان {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا}) الآية الثانية الصريحة الدلالة على أنه يجب على الذين يتوفون أن يوصوا قبل أن يحتضروا لأزواجهم بأن يمتعن بعدهم حولًا بالسكنى (قال) أي ابن الزبير: (قد نسختها الآية الأخرى) السابقة وهي ({يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا} فلم) بكسر اللام وفتح الميم (تكتبها) وقد نسخ حكمها بالأربعة أشهر فما الحكمة في إبقاء رسمها مع زوال حكمها وبقاء رسمها بعد التي نسختها يوهم بقاء حكمها (أو) لم (تدعها) أي تتركها في المصحف والشك من الراوي أي اللفظ قال: وقال في المصابيح: المعنى فلم تكتبها أو فلم لا تدعها فحذف حرف النفي اعتمادًا على فهم المعنى