بلائه سبع سنين وأسمه أعجمي مبتدأ خبره (يغتسل) حال كونه (عريانًا) والجملة أضيف إليها الظرف وهو بينا وإنما لم يؤت في جواب بينا بإذ أو بإذا الفجائية لأن الفاء تقوم مقامها في جزاء الشرط كعكسه في قوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: ٣٦] أو العامل في بين قوله (فخرّ عليه) وما قيل أن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها لأن فيه معنى الجزائية إذ بين متضمنة للشرط فجوابه لا نسلم عدم عمله لا سيما في الظرف إذ فيه توسع وفاعل خرّ قوله (جراد من ذهب) سمي
به لأنه يجرد الأرض فيأكل كل ما عليها، وهل كان جرادًا حقيقة ذا روح إلا أن اسمه ذهب، أو كان على شكل الجراد وليس فيه روح؟ قال في شرح التقريب: الأظهر الثاني وليس الجراد مذكر الجرادة،
وإنما هو اسم جنس كالبقرة والبقر، فحق مذكره أن لا يكون مؤنثه من لفظه لئلا يلتبس الواحد المذكر بالجمع، (فجعل أيوب)﵊(يحتثي) بإسكان المهملة وفتح المثناة بعدها مثلثة على وزن يفتعل من حتى أي يأخذ بيده ويرمي (في ثوبه) وفي رواية القابسي عن أبي زيد يحتثن بنون في آخره بدل الياء لكن قال العيني: أنه أمعن النظر في كتب اللغة فلم يجد لهذه الرواية الأخيرة معنى، (فناداه ربه) تعالى (يا أيوب) بأن كلمه كموسى أو بواسطة الملك (الم أكن أغنيتك) بفتح الهمزة (عما ترى) من جراد الذهب؟ (قال: بلى وعزتك) أغنيتني، ولم يقل نعم كآية ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢] لعدم جوازه، بل يكون كفرًا لأن بلى مختصة يإيجاب النفي ونعم مقررة لما سبقها. قال في القاموس: بلى جواب استفهام معقود بالجحد يوجب ما يقال لك، ونعم بفتحتين وقد تكسر العين كلمة كبلى إلا أنه في جواب الواجب اهـ. وإنما لم يفرق الفقهاء بينهما في الأقارير لأنها مبنية على العرف. ولا فرق بينهما فيه ولا يحمل هذا على المعاتبة كما فهمه بعضهم وإنما هو استنطاق بالحجة. (ولكن لا غنى بي عن بركتك) أي خيرك وغنى بكسر الغين والقصر من غير تنوين على أن لا لنفي الجنس، ورويناه بالتنوين والرفع على أن لا بمعنى ليس ومعناهما واحد لأن النكرة في سياق النفي تفيد العموم وخبر لا يحتمل أن يكون بي أو عن بركتك، فالمعنى صحيح على التقديرين، واستنبط منه فضل الغنى لأنه سماه بركة، ومحال أن يكون أيوب صلوات الله عليه وسلامه أخذ هذا الماء حبًّا للدنيا، وإنما أخذه كما أخبر هو عن نفسه لأنه بركة من ربه تعالى لأنه قريب العهد بتكوين الله ﷿ أو أنه نعمة جديدة خارقة للعادة، فينبغي تلقّيها بالقبول ففي ذلك شكر لها وتعظيم لشأنها، وفي الإعراض عنها كفر بها وفيه جواز الاغتسال عريانًا لأن الله تعالى عاتبه على جمع الجراد ولم يعاتبه على الاغتسال عريانًا.
(ورواه) أي هذا الحديث المذكور (إبراهيم) بن طهمان بفتح الطاء المهملة أبو سعيد الخراساني، المتوفى بمكة سنة ثلاث وستين ومائة فيما وصله النسائي بهذا الإسناد (عن موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف وفتح الموحدة التابعي (عن صفوان بن سليم) بضم السين المهملة وفتح اللام التابعي المدني. قيل: إنه لم يضع جنبه الأرض أربعين سنة وقال أحمد: يستنزل بذكره القطر، وتوفي بالمدينة سنة اثنتين أو ثلاث ومائة (عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة)﵁(عن النبي ﷺ قال بينا) بغير ميم (أيوب يغتسل عريانًا) الحديث إلى آخره الإسناد عن المتن ليفيد أن له طريقًا آخر غير هذا وتركه وذكره تعليقًا الغرض من أغراض التعليقات، ثم قال: ورواه إبراهيم إشعارًا بهذا الطريق الآخر وهو تعليق أيضًا لأن البخاري لم يدرك إبراهيم. وفي هذا الحديث العنعنة ورواية تابعي عن تابعي عن تابعي.
٢١ - باب التَّسَتُّرِ فِي الْغُسْلِ عِنْدَ النَّاس
(باب التستر في الغسل عند) وفي رواية عطاء عن (الناس).
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام زاد ابن عساكر ابن قعنب بفتح القاف وسكون العين (عن مالك) إمام دار الهجرة ابن أنس (عن أبي النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة واسمه سالم بن أبي أمية (مولى عمر) بضم العين (ابن عبيد الله) بالتصغير التابعي (أن أبا مرة) بضم الميم وتشديد الراء (مولى أم هانئ) بالهمزة المنوّنة بعد النون، وفي غير رواية الأصيلي زيادة بنت أبي طالب