للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسعود (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(لا طيرة وخيرها الفأل) قال في شرح المشكاة: فالضمير المؤنث راجع إلى الطيرة وقد علم أنه لا خير فيها فهو كقوله تعالى: {أصحاب الجنة يومئذٍ خير مستقرًّا} [الفرقان: ٢٤] فهذا مبني على زعمهم وهو من إرخاء العنان في المخادعة بأن يجري الكلام على زعم الخصم حتى لا يشمئز عن التفكير فيه فإذا تفكر أنصف وقبل الحق أو هو من باب قولهم الصيف أحرّ من الشتاء أي الفأل في بابه أبلغ من الطيرة في بابها انتهى. والإضافة في قوله وخيرها الفأل مُشعِرة بأن الفأل من جملة الطيرة على ما لا يخفى، وقول صاحب الكواكب أنه ليس كذلك بل هي إضافة توضيح مردود بحديث حابس التميمي عند الترمذي أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قول: "العين حق وأصدق الطيرة الفأل" ففيه التصريح بأن الفأل من جملة الطيرة لكنه يستثنى وقد قال أهل اللغة الطيرة تستعمل في الخير والشر. نعم المشهور استعمال الطيرة في المكروه قال تعالى: {إنّا تطيرنا} [يس: ١٨] أي تشاءمنا وقال: {طائركم معكم} [يس: ١٩] أي سبب شؤمكم معكم والفأل في المحبوب وربما يكون في مكروه (قال: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم). وفي حديث أنس عند الترمذي وصححه: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا خرج لحاجة يعجبه أن يسمع يا نجيح يا راشد، وفي حديث بريدة عند أبي داود بسند حسن أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان لا يتطير من شيء وكان إذا بعث غلامًا يسأله عن اسمه فإذا أعجبه فرح وإن كرهه رئي كراهة ذلك في وجهه.

وحديث الباب أخرجه مسلم في الطب.

٥٧٥٦ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ الصَّالِحُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ».

وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن

قتادة) بن دعامة ولأبي ذر حدّثنا قتادة (عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(لا عدوى ولا طيرة) مشتقة من الطير إذ كان أكثر تطير الجاهلية ناشئًا عنه كما مر (ويعجبني الفأل الصالح) لأنه حسن ظن بالله تعالى (الكلمة الحسنة) بيان لقوله: الفأل الصالح. قال في الكواكب: وقد جعل الله تعالى في الفطرة محبة ذلك كما جعل فحها الارتياح بالنظر الأنيق والماء الصافي وإن لم يشرب منه ويستعمله.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود وأخرجه الترمذي في السير.

٤٥ - باب لَا هَامَةَ

هذا (باب) بالتنوين (لا هامة) بتخفيف الميم على الأفصح، وحكى أبو زيد تشديدها.

٥٧٥٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ».

وبه قال: (حدّثنا محمد بن الحكم) بفتحتين المروزي وقيل: هو محمد بن عبدة بن الحكم أبو عبد الله الأحول المروزي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (النضر) بالضاد المعجمة ابن شيمل قال: (أخبرنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قال: (أخبرنا أبو حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي (عن أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(لا عدوى ولا طيرة ولا هامة) طائر قيل هي البومة يتشاءمون به وقيل كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة تطير وقيل إن روحه تنقلب هامة وهذا تفسير أكثر العلماء (ولا صفر) وهو فيما قيل دابة تهيج عند الجوع وربما قتلت عنده صاحبها وكانوا يعتقدون أنها أعدى من الجرب، وهذا ذكره مسلم عن جابر بن عبد الله في حديثه المروي عنده فتعين المصير إليه، وقال البيضاوي: هو نفي لما يتوهم أن شهر صفر تكثر فيه الدواهي.

وهذا الحديث من أفراده.

٤٦ - باب الْكَهَانَةِ

(باب الكهانة) بفتح الكاف وكسرها مصدر كهن والكاهن الذي يتعاطى الخبر في مستقبل

الزمن ويدّعي معرفة الأسرار وقد كان في العرب كهنة كشق وسطيح ونحوهما فمنهم من كان

يزعم أن له تابعًا من الجن يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب

يستدل بها على موافقتها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف كالذي

يدّعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما، وقال الخطابي: الكهنة قوم لهم أذهان حادة ونفوس شريرة وطباع نارية فألفتهم الشياطين لما بينهم من التناسب

<<  <  ج: ص:  >  >>