للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿فكفارته إطعام عشرة مساكين﴾ (إلى قوله) ﴿أو كسوتهم﴾ [المائدة: ٨٩] ولم تختلف الأمة أن ذلك تمليك للطعام والكسوة فلو قال: كسوتك هذا الثوب مدة معينة فله شرطه قاله ابن بطال وقال ابن المنير: الكسوة للتمليك بلا شك لأن ظاهرها الأصلي لا يراد إذ أصلها لمباشرة الإلباس لكنّا نعلم أن الغني إذا قال للفقير كسوتك هذا الثوب لا يعني أنني باشرت إلباسك إياه فإذا تعذّر حمله على الوضع حمل على العرف وهو العطية.

وقال الكرماني قوله: وإن قال كسوتك إلخ يحتمل أن يكون من تتمة قول الحنفية ومقصود المؤلّف منه أنهم تحكموا حيث قالوا ذلك عارية وهذا هبة، ويحتمل أن يكون عطفًا على الترجمة.

٢٦٣٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ، وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً»؟ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ : «فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ».

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة أن رسول قال):

(هاجر إبراهيم) الخليل (بسارّة) زوجته فدخل قرية فيها جبار من الجبابرة فقيل إن هاهنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليها، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ فقال: ادعي الله لي ولا أضرّك فدعت الله فأطلق بعض حجبته (فأعطوها آجر) بهمزة بدل الهاء وفتح الجيم (فرجعت) سارّة إلى الخليل (فقالت) له (أشعرت أن الله) ﷿ (كبت الكافر) أي صرفه وأذلّه (وأخدم) أي الكافر (وليدة) جارية أي وهبها لأجل الخدمة.

(وقال ابن سيرين) محمد مما هو موصول في أحاديث الأنبياء (عن أبي هريرة) (عن النبي ) (فأخدمها هاجر) غرض المؤلّف أن لفظ الإخدام للتمليك وكذلك الكسوة، لكن قال ابن بطال: استدلاله بقوله فأخدمها هاجر على الهبة لا يصح، وإنما صحّت الهبة في هذه القصة من قوله فأعطوها هاجر.

قال في فتح الباري: مراد البخاري أنه إن وجدت قرينة تدل على العرف حمل عليها فإن كان جرى بين قوم عرف في تنزيل الإخدام منزلة الهبة فأطلقه شخص وقصد التمليك نفذ، ومن قال هي عارية في كل حال فقد خالف والله أعلم.

وهذا الحديث قد مرّ بتمامه في البيع في باب شراء المملوك من الحربي وساق هنا قطعة منه.

وهاهنا فروع لو أعطى إنسان آخر دراهم وقال: اشترِ لك بها عمامة أو ادخل بها الحمام أو نحو ذلك تعينت لذلك مراعاة لغرض الدافع هذا إن قصد ستر رأسه بالعمامة وتنظيفه بدخول الحمام لما رأى به من كشف الرأس وشعث البدن ووسخه، وإن لم يقصد ذلك بل قاله على سبيل التبسّط المعتاد فلا يتعيّن ذلك بل يملكها ويتصرف فيها كيف شاء وكذا لو طلب الشاهد من المشهود له مركوبًا ليركبه في أداء الشهادة فأعطاه أجرة المركوب فيأتي فيها التفصيل السابق، لكن قال الأسنوي:

والصحيح أن له صرفها إلى جهة أخرى كما ذكروه في بابه، والفرق أن الشاهد يستحق أجرة المركوب فله التصرف فيها كيف شاء والمذكور أولاً من باب الصدقة والبرّ فروعِيَ فيه غرض الدافع، وإن أعطاه كفنًا لأبيه فكفّنه في غيره فعليه ردّه له إن كان قصد التبرّك بأبيه وما يحصله خادم الصوفية

لهم من السوق وغيره يملكه دونهم لأنه ليس بوكيل عنهم ووفاؤه لهم مروءة منه فإن قصدهم الدافع معه فالملك مشترك أو دونه فمختص بهم إن كان وكيلاً عنهم.

٣٧ - باب إِذَا حَمَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ فَهْوَ كَالْعُمْرَى وَالصَّدَقَةِ

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا.

هذا (باب) بالتنوين (إذا حمل رجل رجلاً) آخر غيره (على فرس) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: إذا حمل رجلاً بالنصب على المفعولية والفاعل مضمر أي حمل رجل رجلاً على فرس (فهو) أي فحكمه (كالعمرى والصدقة) في عدم الرجوع فيه (وقال بعض الناس) أبو حنيفة (له أن يرجع فيها) في الفرس الذي حمله عليها ناويًا الهبة لأنه يجوز عنده الرجوع في الهبة للأجنبي.

٢٦٣٦ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "قَالَ عُمَرُ : حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: لَا تَشْتَرِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ".

وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (أخبرنا سفيان) بن عيينة (قال: سمعت مالكًا) الإمام الأعظم (يسأل زيد بن أسلم) العدوي مولى عمر المدني (قال) ولأبي ذر فقال (سمعت أبي) أسلم (يقول قال عمر) بن الخطاب (: حملت على فرس) أي تصدّقت به (في سبيل الله)

<<  <  ج: ص:  >  >>