ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملال أو الهذرمة، وقد كان بعضهم يختم في اليوم والليلة، وبعضهم ثلاثًا. وكان ابن الكاتب الصوفي يختم أربعًا بالنهار وأربعًا بالليل انتهى.
وقد رأيت بالقدس الشريف في سنة سبع وستين وثمانمائة رجلًا يكنى بأبي الطاهر من أصحاب الشيخ شهاب الذين بن رسلان ذكر لي أنه كان يقرأ في اليوم والليلة خمس عشرة ختمة.
وثبتني في ذلك في هذا الزمن شيخ الإسلام البرهان ابن أبي شريف المقدسي نفع الله بعلومه، وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون كثرة منهم: عثمان وتميم الداري وسعيد بن جبير، وأخبرني غير واحد من الثقات عن صاحبنا الفقيه رضي البكري أنه كان أيضًا يقرؤه في ركعة واحدة والله تعالى يهب ما يشاء لمن يشاء.
٣٥ - باب الْبُكَاءِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
(باب البكاء عند قراءة القرآن).
٥٠٥٥ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: لِي النَّبِيُّ ﷺ.
وبه قال: (حدّثنا صدقة) بن الفضل قال: (أخبرنا يحيى) بن سعيد القطان (عن سفيان) الثوري (عن سليمان) الأعمش (عن إبراهيم) النخعي (عن عبيدة) السلماني (عن عبد الله) بن مسعود ﵁ (قال يحيى) القطان: (بعض الحديث عن عمرو بن مرة) قال ابن مسعود (قال لي النبي ﷺ).
٠٠٠٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الأَعْمَشُ وَبَعْضُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اقْرَأْ عَلَيَّ». قَالَ: قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: «إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي». قَالَ: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ قَالَ لِي: «كُفَّ أَوْ أَمْسِكْ» فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد واللفظ له (عن يحيى) بن سعيد القطان (عن سفيان) الثوري (عن الأعمش عن إبراهيم) النخعي (عن عبيدة) السلماني (عن عبد الله) بن مسعود (قال الأعمش) أيضًا: (وبعض الحديث) بالواو (حدّثني) بالإفراد (عمرو بن مرة عن إبراهيم) النخعي فيكون الأعمش سمع الحديث المذكور من إبراهيم النخعي وبعضه من عمرو بن مرة عن إبراهيم (عن) ولأبي ذر وعن (أبيه) بواو العطف عن الأعمش والضمير لأبي سفيان واسم أبيه سعيد بن مسروق الثوري فيكون سفيان روى الحديث عن الأعمش وعن أبيه سعيد (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح الكوفي (عن عبد الله) بن مسعود لكن رواية أبي الضحى عن ابن مسعود منقطعة لأنه لم يدركه (قال: قال) لي (رسول الله ﷺ):
(اقرأ عليّ. قال) ابن مسعود: (قلت) يا رسول الله (آقرأ عليك وعليك أُنزل)؟ بضم الهمزة (قال) ﵊ (إني أشتهي أن أسمعه من غيري. قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد﴾) يشهد عليهم (﴿وجئنا بك على هؤلاء﴾) أي أمتك (﴿شهيدًا﴾) [النساء: ٤٠] (قال لي: كف) أي عن القراءة (أو أمسك) بالشك من الراوي (فرأيت عينيه تدرفان) بالذال المعجمة والفاء يقال ذرفت العين تذرف إذا جرى دمعها.
وأخرج ابن المبارك في الزهد من مرسل سعيد بن المسيب قال: ليس من يوم إلا تعرض على النبي ﷺ أمته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم وبكاؤه ﵊ رحمة لأمته لأنه علم أنه لا بدّ أن يشهد عليهم بعملهم وعملهم قد لا يكون مستقيمًا فقد يفضي إلى تعذيبهم. وقال في فتوح الغيب عن الزمخشري: إن هذا كان بكاء فرح لا بكاء جزع لأنه تعالى جعل أمته شهداء على سائر الأمم وقال الشاعر:
طفح السرور عليّ حتى أنه … من فرط ما قد سرني أبكاني
٥٠٥٦ - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ «اقْرَأْ عَلَيَّ». قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي».
وبه قال: (حدّثنا قيس بن حفص) البصري الدارمي قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (عن إبراهيم) النخعي (عن عبيدة السلماني) بفتح اللام (عن عبد الله) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر زيادة ابن مسعود (﵁) أنه (قال: قال لي النبي ﷺ):
(اقرأ عليّ. قلت: آقرأ عليك) بالاستفهام (وعليك أنزل قال) ﷺ: (إني أحب أن أسمعه من غيري) قال ابن بطال: يحتمل أن يكون أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سُنّة، ويحتمل أن يكون لكي يتدبره ويتفهمه لأن المستمع أقوى على التدبر من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها.
٣٦ - باب مَنْ رَايَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ أَوْ فَخَرَ بِهِ
(باب من رايا) بألف فتحتية، ولأبي ذر باب: إثم من رائا بهمزة ممدودة بدل التحتية (بقراءة القرآن أو تأكل) بتشديد الكاف أي طلب الأكل (به أو فخر به) بالخاء المعجمة في الفرع وفي