للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣ - باب مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَالأَرْدِيَةِ وَالأُزُرِ

وَلَبِسَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ -وَهْيَ مُحْرِمَةٌ- وَقَالَتْ: لَا تَلَثَّمْ وَلَا تَتَبَرْقَعْ وَلَا تَلْبَسْ ثَوْبًا بِوَرْسٍ وَلَا زَعْفَرَانٍ. وَقَالَ جَابِرٌ: لَا أَرَى الْمُعَصْفَرَ طِيبًا. وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ بَأْسًا بِالْحُلِيِّ وَالثَّوْبِ الأَسْوَدِ وَالْمُوَرَّدِ وَالْخُفِّ لِلْمَرْأَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ.

(باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر) بضم الهمزة والزاي، وفي اليونينية: بسكونها لا غير جمع إزار كخمر وخمار وهو للنصف الأسفل، والأردية جمع رداء وهو للنصف الأعلى وعطفهما على الثياب من عطف الخاص على العام، وهذا الترجمة مغايرة للسابقة على ما لا يخفى.

(ولبست عائشة) -رضي الله عنها- (الثياب المعصفرة) المصبوغة بالعصفر (وهي محمرة) وصله سعيد بن منصور من طريق القاسم بن محمد بإسناد صحيح، والجمهور على جوازه للمحرم خلافًا لأبي حنيفة وقال: إنه طيب وأوجب فيه الفدية. (وقالت:) عائشة مما وصله البيهقي: (لا تلثم)

بالجزم على النهي وبمثناة واحدة مع تشديد المثلثة وأصله تتلثم فحذفت إحدى التائين كـ {نارًا تلظى} [الليل: ١٤] تخفيفًا واللثام: ما يغطي الشفة (ولا تتبرقع) بالجزم كذلك لكن بمثناتين على الأصل كذا في الفرع وفي غيره ولا تبرقع بحذف إحدى التاءين والرفع في الكلمتين والجزم (ولا تلبس ثوبًا) مصبوغًا (بورس) بسكون الراء، ولأبي ذر في رواية بورس بكسرها (ولا زعفران). والجملة من قوله وقالت إلى هنا ساقطة في رواية (ق) وفي الفتح: سقوطها أيضًا عن الحموي.

(وقال جابر:) هو ابن عبد الله الصحابي -رضي الله عنه- مما وصله الشافعي ومسدد: (لا أرى المعصفر طيبًا). أي مطيبًا لأنه خبر في الأصل عن معصفر ولا يخبر بالمعنى عن اسم عين وقد مرّ في المعصفر قريبًا (ولم تر عائشة) -رضي الله عنها- (بأسًا بالحلي) بضم الحاء المهملة وتشديد الياء جمع حلي بفتح الحاء وسكون اللام (والثوب الأسود والمورد) المصبوغ على لون الورد، وسيأتي موصولاً إن شاء الله تعالى في باب طواف النساء في آخر حديث عطاء عن عائشة (والخف للمرأة) وصله ابن أبي شيبة.

(وقال إبراهيم): النخعي مما وصله سعيد بن منصور وابن أبي شيبة: (لا بأس أن يبدل ثيابه) بضم حرف المضارعة وسكون الموحدة وتخفيف الدال المهملة مضارع أبدل، ولأبي الوقت: أن يبدّل ثيابه بفتح الموحدة وتشديد المهملة ومقالة إبراهيم هذه ساقطة في رواية ق.

١٥٤٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ "انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ بَعْدَمَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَىْءٍ مِنَ الأَرْدِيَةِ وَالأُزْرِ تُلْبَسُ إِلَاّ الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ، فَأَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ بُدْنِهِ لأَنَّهُ قَلَّدَهَا. ثُمَّ نَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْحَجُونِ وَهْوَ مُهِلٌّ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا مِنْ رُءُوسِهِمْ ثُمَّ يَحِلُّوا، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَهَا، وَمَنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَهِيَ لَهُ حَلَالٌ وَالطِّيبُ وَالثِّيَابُ". [الحديث ١٥٤٥ - طرفاه في: ١٦٢٥، ١٧٣١].

وبالسند السابق أول الكتاب إلى المؤلّف قال: (حدّثنا محمد بن أبي بكر المقدمي) بفتح الدال المشددة قال: (حدّثنا فضيل بن سليمان) بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة مصغرًا وضم سين سليمان (قال: حدثني) بالإفراد (موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف (قال: أخبرني) بالإفراد أيضًا (كريب) مولى ابن عباس (عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال):

(انطلق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من المدينة) بين الظهر والعصر يوم السبت كما صرح به الواقدي، ويأتي قريبًا إن شاء الله تعالى تحقيقه (بعدما ترجل) بالجيم المشددة أي سرح شعره (وادّهن) استعمل الدهن وأصله ادتهن فأبدلت التاء دالاً وأدغمت في الأخرى (ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه، فلم ينه) أحدًا (عن شيء من الأردية) جمع رداء (والأزر) بضم الزاي وإسكانها جمع إزار، (تلبس) بضم المثناة الفوقية وفتح الموحدة (إلا المزعفرة) بالنصب على الاستثناء والجر على حذف الجار أي إلا عن المزعفرة

(التي تردع) بفتح المثناة الفوقية والدال آخره عين مهملتين، وفي رواية: تردع بضم أوله وكسر ثالثه أي التي كثر فيها الزعفران حتى ينفضه على من يلبسها. وقال عياض: الفتح أوجه ومعنى الضم أنها تبقي أثره (على الجلد).

قال في التنقيح، قال أبو الفرج: يعني ابن الجوزي كذا وقع في البخاري وصوابه تردع الجلد بحذف، "على" أي تصبغه. وأجاب في المصابيح، بأن الجوهري قال في الصحاح، يقال: ردعته الشيء فارتدع أي لطخته فتلطخ، قال: فإذا كان كذلك فيجوز أن يكون المراد في الحديث التي تردع لابسها بأثرها وعلى الجلد ظرف مستقر في محل نصب على الحال وهو وجه جيد لا يلزم من ارتكابه تخطئة الرواية. قال: ويحتمل أن يكون تردع قد تضمن معنى تنفض أي تنفض أثرها على الجلد انتهى.

(فأصبح) عليه الصلاة والسلام (بذي الحليفة) أي وصل إليها نهارًا ثم بات بها. وفي مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>