والأجساد كالذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والكبريت وغيرها من عدن بالمكان إذا أقام به يعدن بالكسر عدونًا سمي به لعدون ما أنبته الله فيه كما قال الأزهري إذا انهار على من حفر فيه فهلك فدمه (جبار) لا ضمان فيه كالبئر (وفي الركاز) بكسر الراء آخره زاي بمعنى مركوز ككتاب بمعنى مكتوب وهو دين الجاهلية مما تجب فيه الزكاة من ذهب أو فضة إذا بلغ النصاب (الخمس) والقول بأن الركاز دفين الجاهلية هو
قول مالك والشافعي وأحمد وهو حجة على أبي حنيفة وغيره من العراقيين حيث قالوا: الركاز هو المعدن وجعلوهما لفظين مترادفين، وقد عطف ﷺ أحدهما على الآخر وذكر لهذا حكمًا غير حكم الأوّل والعطف يقتضي التغاير، وقال الأزهري: يطلق على الأمرين. قال وقيل: إن الركاز قطع الفضة تخرج من المعدن وقيل من الذهب أيضًا.
وهذا الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
٢٩ - باب الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانُوا لَا يُضَمِّنُونَ مِنَ النَّفْحَةِ وَيُضَمِّنُونَ مِنْ رَدِّ الْعِنَانِ وَقَالَ حَمَّادٌ: لَا تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إِلاَّ أَنْ يَنْخُسَ إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ، وَقَالَ شُرَيْحٌ: لَا تُضْمَنُ مَا عَاقَبَتْ أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا، وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: إِذَا سَاقَ الْمُكَارِى حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ لَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الشَّعْبِىُّ: إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا فَهْوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلاً لَمْ يَضْمَنْ.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (العجماء جبار).
(وقال ابن سيرين) محمد مما وصله سعيد بن منصور (كانوا) أي علماء الصحابة أو التابعين (لا يضمنون) بتشديد الميم (من النفحة) بفتح النون وسكون الفاء بعدها حاء مهملة من الضربة الصادرة من الدابة برجلها (ويضمنون) بتشديد الميم أيضًا (من ردّ العنان) بكسر العين المهملة وتخفيف النون وهو ما يوضع في فم الدابة ليصرفها الراكب لما يختاره يعني أن الدابة إذا كانت مركوبة فلفت الراكب عنانها فأصابت برجلها شيئًا ضمنه الراكب.
(وقال حماد): هو ابن أبي سليمان مسلم الأشعري فيما وصله ابن أبي شيبة (لا تضمن النفحة) بالحاء المهملة رفع نائب عن الفاعل (إلا أن ينخس) مثلثة الخاء المعجمة (إنسان الدابة) بعود ونحوه فيضمن.
(وقال شريح) بضم الشين المعجمة وفتح الراء آخره حاء مهملة ابن الحارث الكندي القاضي المشهور مما وصله ابن أبي شيبة أيضًا (لا تضمن) بضم الفوقية أو التحتية مبنيًّا للمفعول (ما عاقبت) أي الدابة. وقال في الكواكب: بلفظ الغيبة لا يضمن ما كان على سبيل المكافأة منها (أن يضربها) أي بأن يضربها فهو مجرور بمقدر أو وهو أن يضربها فمرفوع خبر مبتدأ محذوف وإسناد الضمان إلى الدابة من باب المجاز أو المراد ضار بها وهذا كالتفسير للمعاقبة (فتضرب برجلها) بنصب فتضرب عطفًا على المنصوب السابق، ولفظ ابن أبي شيبة لا يضمن السائق والراكب ولا تضمن الدابة إذا عاقبت. قالت: وما عاقبت قال: إذا ضربها رجل فأصابته.
(وقال الحكم) بن عتيبة بضم العين وفتح الفوقية أحد فقهاء الكوفة (وحماد) هو ابن أبي سليمان أحد فقهاء الكوفة أيضًا (إذا ساق المكاري) بكسر الراء في الفرع أصله (حمارًا عليه
امرأة فتخر) بكسر الخاء المعجمة أي تسقط (لا شيء عليه) لا ضمان على المكاري.
(وقال الشعبي) عامر بن شراحيل الكوفي فيما وصله ابن أبي شيبة (إذا ساق دابة فأتعبها) من الأتعاب (فهو ضامن لما أصابت) أي الدابة (وإن كان خلفها) وراءها (مترسلاً) بضم الميم وتشديد السين المهملة منصوب خبر كان متسهلاً في السير لا يسوقها ولا يتعبها (لم يضمن) شيئًا مما أصابته.
٦٩١٣ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ».
وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الأزدي القصاب قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن زياد) الجمحي البصري (عن أبي هريرة) ﵁ (عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(العجماء) قال الجوهري: سميت عجماء لأنها لا تتكلم وكل ما لا يتكلم أصلاً فهو أعجم مستعجم والأعجم الذي لا يفصح ولا يبين كلامه وإن كان من العرب ويقال أعجم وإن أفصح إذا كان في لسانه عجمة، وقال ابن دقيق العيد: العجماء الحيوان البهيم، وقال الترمذي: فسر بعض أهل العلم قالوا العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها فما أصابت في انفلاتها فلا غرم على صاحبها، وقال أبو داود: العجماء التي تكون منفلتة ولا يكون معها أحد ويكون بالنهار ولا يكون بالليل، وعند ابن ماجة في آخر حديث عبادة