بكسر الميم وسكون اللام بعدها حاء مهملة أنها (قالت: نام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومًا قريبًا مني، ثم استيقظ) حال كونه (يتبسم)، وفي رواية مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس في باب: الدعاء بالجهاد وهو يضحك (فقلت: ما أضحكك؟ قال):
(أناس من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر) قال الزركشي وتبعه الدماميني قيل المراد الأسود، وقال الكرماني الأخضر صفة لازمة للبحر لا مخصصة إذ كل البحار خضر.
فإن قلت: الماء بسيط لا لون له. قلت: تتوهم الخضرة من انعكاس الهواء وسائر مقابلاته إليه اهـ.
(كالملوك على الأسرّة) في الدنيا أو في الجنة (قالت: فادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها. ثم نام) عليه الصلاة والسلام (الثانية. ففعل مثلها)، أي من التبسم (فقالت مثل قولها). أي ما
أضحكك (فأجابها مثلها) أي مثل الأولى من العرض، لكن قيل: إن المعروضين راكبو البر (فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال): (أنت من الأوّلين). أي الذين يركبون البحر الأخضر (فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت) حال كونه (غازيًا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية) بن أبي سفيان في خلافة عثمان -رضي الله عنهم- (فلما انصرفوا من غزوهم) ولأبي ذر: من غزوتهم بزيادة تاء التأنيث (قافلين) أي راجعين (فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت) والفاء في فصرعتها فصيحة أي فركبتها فصرعتها.
وهذا الحديث قد سبق في باب الدعاء بالجهاد.
٩ - باب مَنْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
٢٨٠١ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ، فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِلَاّ كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيبًا. فَتَقَدَّمَ فَأَمَّنُوهُ، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَوْمَؤوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَاّ رَجُلاً أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ، قَالَ هَمَّامٌ: وَأرَاهُ آخَرَ مَعَهُ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ؛ فَكُنَّا نَقْرَأُ أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا؛ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ وَبَنِي عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
(باب) فضل (من ينكب في سبيل الله) بضم أوله وفتح ثالثه وآخره موحدة أي من أدمي عضو منه أو أعم وفي بعض النسخ تنكب على وزن تفعل.
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر الحوضي) بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وبالضاد المعجمة نسبة إلى حوض داود محلة ببغداد وسقط الحوضي لأبي ذر قال: (حدّثنا همام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى ابن يحيى البصري (عن إسحاق) بن عبد الله بن أبي طلحة (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقوامًا من بني سليم إلى بني عامر في سبعين) وهم المشهورون بالقرّاء لأنهم كانوا أكثر قراءة من غيرهم، وسليم: بضم السين المهملة وفتح اللام وسكون التحتية وقد وهم الدمياطي هذه الرواية بأن بني سليم مبعوث إليهم والمبعوث هم القرّاء وهم من الأنصار، وقال ابن حجر: التحقيق أن المبعوث إليهم بنو عامر وأما بنو سليم فغدروا بالقرّاء المذكورين، والوهم في هذا السياق من حفص بن عمر شيخ البخاري، فقد أخرجه هو في المغازي عن موسى بن إسماعيل عن
همام فقال: بعث أخًا لأم سليم في سبعين راكب وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل الحديث.
فلعل الأصل بعث أقوامًا معهم أخو أم سليم إلى بني عامر فصارت من بني سليم. (فلما قدموا) بئر معونة (قال لهم خالي): حرام بن ملحان (أتقدمكم)، أي إلى بني سليم (فإن أمنوني) بتشديد الميم (حتى أبلّغهم) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد اللام المكسورة (عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه يدعوهم إلى الإيمان (وإلاّ) أي وإن لم يؤمنوني (كنتم مني قريبًا، فتقدم) إليهم (فأمنوه فبينما) بالميم هو (يحدّثهم) أي يحدّث بني سليم (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أومؤوا) جواب بينما أي أشاروا وفي رواية أومئ بضم الهمزة وكسر الميم أي أشير (إلى رجل منهم) هو عامر بن الطفيل (فطعنه) برمح (فأنفذه) بالفاء والذال المعجمة في جنبه حتى خرج من الشق الآخر (فقال): أي حرام المطعون (الله أكبر فزت) بالشهادة (ورب الكعبة ثم مالوا على بقية أصحابه) أي أصحاب حرام (فقتلوهم إلا رجلاً أعرج) بالنصب، وهذا الرجل هو كعب بن يزيد الأنصاري وهو من بني أمية كما عند الإسماعيلي، ولأبي ذر: رجل أعرج بالرفع، وقال الكرماني: وفي بعضها يكتب بدون ألف على اللغة الربيعية (صعد الجبل. قال همام): الراوي (فأراه) بضم الهمزة بعد الفاء ولأبي ذر وأراه بالواو أي أظنه (آخر معه) هو عمرو بن أمية الضمري (فأخبر جبريل عليه الصلاة والسلام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم