هو ابن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية ابنة عمّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قيل: اسمها فاختة، وقيل فاطمة، وقيل هند والأوّل أشهر. وروت أحاديث في الكتب الستة ولها في البخاري حديثان (أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب) رضي الله عنها حال كونها (تقول ذهبت إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح) أي فتح مكة في رمضان سنة ثمان (فوجدته) عليه الصلاة والسلام (يغتسل وفاطمة) ابنته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورضي الله عنها (تستره فقال: من هذه)؟ يدل على أن الستر كان كثيفًا وعرف أنها امرأة لكون ذلك الموضع لا يدخل عليه فيه الرجال (فقلت) ولابن عساكر قلت (أنا أم هانئ) فيه جواز الغسل بحضرة المحرم إذا حال بينهما ساتر من ثوب أو غيره.
ورواة الحديث الخمسة مدنيون، وفيه التحديث والعنعنة والإخبار بالإفراد والسماع والقول ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه المؤلف أيضًا في الأدب والصلاة والجزية ومسلم في الطهارة والطلاق، والترمذي في الاستئذان والسِّيَر، والنسائي في الطهارة والسير، وابن ماجة في الطهارة.
٢٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: سَتَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوِ الأَرْضِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ فِي السَّتْرِ.
وبه قال: (حدّثنا عبدان) عبد الله العتكي (قال: أخبرنا عبد الله) بن المبارك (قال: أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت حدّثنا (سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن سالم بن أبي الجعد) بسكون العين (عن كريب) بالتصغير مولى ابن عباس (عن ابن عباس عن ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنهم (قالت):
(سترت النبي) وفي رواية رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بثوب (وهو يغتسل من الجنابة) الجملة في موضع الحال (فغسل يديه ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه وما أصابه) من رطوبة فرج المرأة والبول وغيرهما، (ثم مسح بيده على الحائط والأرض) ولأبي ذر بيده الحائط (ثم توضأ وضوءه للصلاة غير رجليه ثم أفاض الماء على جسده ثم تنحى) من مكانه (فغسل قدميه).
(تابعه) أي تابع سفيان (أبو عوانة) الوضاح اليشكري في الرواية عن الأعمش وسبقت هذه المتابعة موصولة عند المؤلف في باب من أفرغ بيمينه. (و) تابع سفيان أيضًا (ابن فضيل) محمد في الرواية عن الأعمش فيما وصله أبو عوانة الإسفرايني في صحيحه كلاهما (في الستر) المذكور لا في بقية الحديث، وللأصيلي في التستر وسبقت مباحث الحديث.
٢٢ - باب إِذَا احْتَلَمَتِ الْمَرْأَةُ
هذا (باب) بالتنوين (إذا احتلمت المرأة) قيد بها ردًّا على من منع منه في حقها وتنبيهًا على أن حكمها كحكم الرجل قال عليه الصلاة والسلام في جواب سؤال أم سليم المرأة ترى في ذلك أعليها الغسل نعم النساء شقائق الرجال رواه أبو داود أي نظائر الرجال وأمثالهم في الأخلاف والطباع كأنهن شققن منهم.
٢٨٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ».
وبه قال (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال أخبرنا مالك) الإمام (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن زينب بنت أبي سلمة) عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ونسبها المؤلف في باب الحياء في العلم إلى أمها أم سلمة وهي هند بنت أبي أمية (عن أم سلمة أم المؤمنين) رضي الله عنها (أنها قالت):
(جاءت أم سليم) بضم السين وفتح اللام سهلة أو رميلة أو رميثة بنت ملحان الخزرجية والدة أنس بن مالك، وكانت أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يزورها فتتحفه بالشيء تضعه له، ولها في البخاري حديثان وهي (امرأة أبي طلحة) زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري البدري (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: يا رسول الله إن الله) عز وجل (لا يستحيي من الحق) أي لا يأمر بالحياء فيه أو لا يمنع من ذكره. وقالت ذلك قبل اللاحق تمهيدًا لعذرها في ذكر ما يستحيا منه (هل على المرأة من غسل) أي هل على المرأة غسل فحرف الجر زائد وقد سقط عند المؤلف في الأدب (إذا هي احتلمت) ولأحمد من حديث أُم سلمة رضي الله عنها أنها
قالت: يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل؟ (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نعم) يجب عليها الغسل (إذا رأت الماء) أي المني بعد استيقاظها من النوم، فالرؤية بصرية فتتعدى لواحد، ويحتمل أن تكون علمية فتتعدى لمفعولين الثاني مقدّر أي: إذا رأت