للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الواجبة انتهى. وعليه يدل تبويب البخاري لكن ما ذكره من أن الإجزاء إنما يستعمل في الواجب إن أراد قولاً واحدًا فليس كذلك لأن الأصوليين اختلفوا في المسألة، فذهب قوم إلى أن الإجزاء يعم الواجب والمندوب وخصه آخرون بالواجب ومنعوه في المندوب، واعتمده المازري ونصره القرافي والأصفهاني واستبعده الشيخ تقي الدين السبكي وقال: إن كلام الفقهاء يقتضي أن المندوب يوصف بالإجزاء كالفرض، وقد

تعقب القاضي عياض المازري بأن قوله: ولو من حليكن، وقوله فيما ورد في بعض الروايات عند الطحاوي وغيره أنها كانت امرأة صنعاء اليدين فكانت تنفق عليه وعلى ولده يدلان على أنها صدقة تطوّع وبه جزم النووي وغيره. وتأوّلوا قوله: أتجزئ عني أي في الوقاية من النار كأنها خافت أن صدقتها على زوجها لا تحصل لها المراد.

وقد سبق الحديث في باب الزكاة على الأقارب وفيه أنها شافهت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسؤال وشافهها وهاهنا لم تقع مشافهة فقيل: تحمل الأولى على المجاز وإنما هي على لسان بلال: والظاهر أنهما قضيتان: إحداهما في سؤالها عن تصدّقها بحليها على زوجها وولده، والأخرى في سؤالها عن النفقة.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، ورواته كلهم كوفيون إلا عمرو بن الحرث، وفيه رواية صحاب عن صحابية وتابعي عن تابعي عن صحابيّ، وفي الطريق الثانية أربعة من التابعين وهم: الأعمش وشقيق وإبراهيم وأبو عبيدة، وأخرجه مسلم في الزكاة، والنسائي في عشرة النساء، وابن ماجة في الزكاة.

١٤٦٧ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِيَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ؟ إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ. فَقَالَ: أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ". [الحديث ١٤٦٧ - طرفه في: ٥٣٦٩].

وبه قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة بفتح المعجمة واسمه إبراهيم وعثمان أخو أبي بكر بن أبي شيبة قال: (حدّثنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سليمان (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن زينب) برة بفتح الموحدة وتشديد الراء (ابنة) ولأبي ذر: بنت (أم سلمة) بفتح السين واللام أم المؤمنين وهي بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية ربيبة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولدت بأرض الحبشة وحفظت عن

النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وروت عنه وعن أزواجه. وذكرها العجلي في ثقات التابعين قال في الإصابة: كأنه كان يشترط للصحبة البلوغ، وذكرها ابن سعد فيمن لم يرو عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا وروى عن أزواجه (قالت:) أي زينب، ولأبي ذر: عن أم سلمة وهو الصواب كما لا يخفى، وأم سلمة هي أم المؤمنين هند قالت (قلت يا رسول الله ألي) بفتح الياء أي هل لي (أجر أن أنفق على بني أبي سلمة)؟ ابن عبد الأسد، وكان تزوّجها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعده ولها من أبي سلمة سلمة وعمر ومحمد وزينب ودرة (إنما هم بني) منه بفتح الموحدة وكسر النون وتشديد الياء وأصله بنون، فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت نون الجمع فصار بنوي فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون فأدغمت الواو بعد قلبها ياء في الياء فصار بني بضم النون وتشديد الياء ثم أبدل من ضمة النون كسرة لأجل الياء فصار بني (فقال) عليه الصلاة والسلام:

(أنفقي عليهم)، بفتح الهمزة وكسر الفاء (فلك أجر ما أنففت عليهم) بإضافة أجر لتاليه فما موصولة، وجوّز بعضهم التنوين فتكون ما ظرفية قال في فتح الباري: وليس في الحديث تصريح بأن الذي كانت تنفقه عليهم من الزكاة فكان القدر المشترك من الحديث حصول الإنفاق على الأيتام انتهى.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، ورواته ما بين كوفي ومدني، وفيه رواية تابعي عن تابعي هشام وأبوه وصحابية عن صحابية زينب وأمها.

٤٩ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِي فِي الْحَجِّ وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ، وَيُعْطِي فِي الْمُجَاهِدِينَ وَالَّذِي لَمْ يَحُجَّ ثُمَّ تَلَا {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] الآيَةَ، فِي أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي لَاسٍ: "حَمَلَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ"

(باب قول الله تعالى: {وفي الرقاب والغارمين}) أي: وللصرف في فك الرقاب

بأن يعاون المكاتب الذي ليس له ما يفي بالنجوم بشيء من الزكاة على أداء النجوم، وقيل بأن تباع الرقاب فتعتق، وبه قال مالك في المشهور، وإليه مال البخاري وابن المنذر واحتج له بأن شراء الرقيق ليعتق أولى من إعانة المكاتب لأنه قد يعان ولا يعتق ولأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم والزكاة لا تصرف للعبد، والأول مذهب الشافعي، والليث والكوفيين وأكثر أهل العلم. ورواه ابن وهب عن مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>