للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اهـ.

ورواة هذا الحديث ما بين كوفي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وشيخ المؤلّف من أفراده.

١٤ - باب الرُّخْصَةِ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ فِي الْمَطَرِ

(باب الرخصة إن لم يحضر) المصلي صلاة (الجمعة)، بفتح المثناة وضم الضاد، من: يحضر، وكسر همزة إن الشرطية، وللأصيلي: لمن لم يحضر الجمعة (في المطر).

٩٠١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: "ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ. فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ".

وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا إسماعيل) بن علية (قال: أخبرني) يالإفراد (عبد الحميد) بن دينار (صاحب الزيادي، قال: حدّثنا عبد الله بن الحرث، ابن عمّ محمد بن سبرين).

قال الدمياطي: ليس ابن عمه، وإنما كان زوج بنت سيرين، فهو صهره.

قال في الفتح: لا مانع أن يكون بينهما أخوة من الرضاع، ونحوه. فلا ينبغي تغليط الرواية الصحيحة مع وجود الاحتمال المقبول.

(قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل حيّ على الصلاة) بل (قل: صلوا في بيوتكم) بدل الحيعلة، منع إتمام الأذان.

(فكأن الناس استنكروا) قوله: فلا تقل: حيّ على الصلاة، قل صلوا في بيوتكم، (قال) ابن عباس ولأبي ذر وابن عساكر: فقال (فعله) أي الذي قلته للمؤذن، (من له خير مني) رسول الله (إن الجمعة عزمة) بفتح العين وسكون الزاي، أي واجبة، فلو تركت المؤذن يقول: حيّ على الصلاة لبادر من سمعه إلى المجيء في المطر، فيشق عليه، فأمرته أن يقول: صلوا في بيوتكم، ليعلموا أن المطر من الأعذار التي تصير العزيمة رخصة. وهذا مذهب الجمهور.

لكن عند الشافعية والحنابلة مقيد بما يؤذن ببل الثوب، فإن كان خفيفًا، أو وجد كنًّا يمشي فيه، فلا عذر.

وعن مالك : لا يرخص في تركها بالمطر، والحديث حجة عليه.

(إني كرهت أن أحرجكم) بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة، من الحرج، ويؤيده الرواية السابقة: أؤثمكم، أي أن أكون سببًا في إكسابكم الإثم عند حرج صدوركم: فربما يقع تسخط أو كلام غير مرضي، وفي بعض النسخ: أخرجكم، بالخاء المعجمة من الخروج (فتمشون في الطين والدحض) بفتح الدال المهملة وسكون الحاء المهملة، وقد تفتح آخره معجمة، أي الزلق.

وسبق الحديث بمباحثه في الأذان.

١٥ - باب مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ، وَعَلَى مَنْ تَجِبُ؟ لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة: ٩]

وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا كُنْتَ فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تَشْهَدَهَا، سَمِعْتَ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ. وَكَانَ أَنَسٌ فِي قَصْرِهِ أَحْيَانًا يُجَمِّعُ، وَأَحْيَانًا لَا يُجَمِّعُ، وَهْوَ بِالزَّاوِيَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ.

هذا (باب) بالتنوين (من أين تؤتى الجمعة) بضم المثناة الأولى وفتح الثانية، مبنيًّا للمفعول من الإتيان وأين استفهام عن المكان (وعلى من تجب) الجمعة.

(لقول الله تعالى ﴿إذا نودي﴾) أذن (﴿للصلاة من يوم الجمعة﴾) والإمام على المنبر، (﴿فاسعوا

إلى ذكر الله﴾) [الجمعة: ٩].

أوردها استدلالاً للوجوب، كالشافعي في الأم، لأن الأمر بالسعي لها يدل عليه، أو هو من

مشروعية النداء لها، لأنه من خواص الفرائض، وسقط في غير رواية أبي ذر والأصيلي: ﴿فاسعوا

إلى ذكر الله﴾.

(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح، مما وصله عبد الرزاق، عن ابن جريج، عنه: (إذا كنت في قرية جامعة فنودي) بالفاء، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: نودي، أي: أذن (بالصلاة من يوم الجمعة، فحق عليك أن تشهدها، سمعت النداء أو لم تسمعه) أي: إذا كنت داخلها، كما صرح به أحمد.

ونقل النووي أنه لا خلاف فيه، وزاد عبد الرزاق فيه، عن ابن جريح، قلت لعطاء: ما القرية الجامعة؟ قال: ذات الجماعة، والأمير، والقاضي، والدور المجتمعة الآخذ بعضها ببعض، مثل جدّة.

(وكان أنس) هو ابن مالك () مما وصله مسدد في مسنده الكبير، (في قصره أحيانًا) نصب على الظرفية، أي في بعض الأوقات (يجمع) أي يصلّي بمن معه الجمعة، أو يشهد الجمعة بجامع البصرة (وأحيانًا لا يجمع، وهو) أي القصر (بالزاوية) بالزاي، موضع بظاهر البصرة معروف (على فرسخين) من البصرة، وهو ستة أميال، فكان أنس يرى أن التجميع ليس بحتم لبعد المسافة.

٩٠٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ

النَّبِيِّ قَالَتْ: "كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْعَوَالِي فَيَأْتُونَ فِي الْغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الْغُبَارُ وَالْعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ الْعَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ -وَهْوَ عِنْدِي- فَقَالَ النَّبِيُّ : لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا".

وبالسند قال: (حدّثنا أحمد) غير منسوب، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي، ووافقهما ابن السكن: أحمد بن صالح، أي المصري وليس هو ابن عيسى، وإن جزم به أبو نعيم في مستخرجه، (قال: حدّثنا عبد الله بن وهب) المصري (قال: أخبرني) بالإفراد، ولابن عساكر: أخبرنا (عمرو بن الحرث، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>