للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَلَّمَ- يومًا فقال):

(عرضت) بضم العين كسر الراء (على الأمم) في منامي (فجعل يمر النبي معه) ولأبي ذر وابن عساكر ومعه (الرجل والنبي معه الرجلان والنبي معه الرهط) وهو ما دون العشرة من الرجال أو إلى الأربعين (والنبي ليس معه أحد ورأيت سوادًا كثيرًا) أشخاصًا كثيرة من بعد (سدّ) السواد (الأفق) وفي باب من اكتوى حتى رفع لي سواد عظيم (فرجوت أن تكون أمتي فقيل هذا موسى وقومه ثم قيل لي انظر فرأيت سوادًا كثيرًا سد الأفق فقيل لي انظر هكذا وهكذا) فنظرت (فرأيت سوادًا كثيرًا سدُّ الأفق فقيل) لي: (هؤلاء أمتك) الذين آمنوا بك (ومع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب، فتفرّق الناس ولم يبين لهم) عليه الصلاة والسلام الداخلين بغير حساب (فتذاكر أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك ولكنا آمنا بالله ورسوله ولكن هؤلاء هم أبناؤنا) الذين ولدوا في الإسلام (فبلغ) قولهم (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال): الداخلون الجنة بغير حساب (هم الذين لا يتطيرون) لا يتشاءمون بالطيور كالجاهلية (ولا يكتوون) معتقدي الشفاء في الكي كالجاهلية (ولا يسترقون) مطلقًا حسمًا للمادة لأن فاعلها لا يأمن أن يأكل نفسه إليها وإلا فالرقية في ذاتها ليست ممنوعة وإنما منع منها ما كان شركًا أو احتمله (وعلى ربهم يتوكلون) أي يفوضون إليه تعالى في ترتيب الأسباب على المسببات أو يتركون ذلك مطلقًا على ظاهر اللفظ، قال ابن الأثير: وهذا من صفة الأولياء المعرضين عن الدنيا وأسبابها وعلائقها وهم خواص الأولياء ولا يرد

على هذا وقوع ذلك من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعلاً وأمرًا لأنه كان في أعلى مقامات العرفان ودرجات التوكل وكان ذلك منه للتشريع وبيان الجواز ولا ينقص ذلك من توكله لأنه كان كامل التوكل يقينًا فلا يؤثر فيه تعاطي الأسباب شيئًا بخلاف غيره (فقام عكاشة بن محصن) بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين آخره نون وعكاشة بضم العين المهملة وتشديد الكاف وتخفف وبعد الألف شين معجمة مفتوحة مخففة البدري (فقال: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نعم) أنت منهم (فقام آخر) قيل هو سعد بن عبادة (فقال: أمنهم أنا)؟ يا رسول الله (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (سبقك بها

عكاشة) قال ذلك عليه الصلاة والسلام حسمًا للمادة، وقول الزركشي قيل كانت ساعة إجابة وهو الأشبه لئلا يتسلسل الأمر، وتعقبه في المصابيح في قوله إنها ساعة إجابة فقال: إنما يحسن في الحديث الذي فيه فادع الله أن يجعلني منهم، وأما هنا فلا يحسن ذلك إذ الذي هنا إنما هو استفهام وجواب عنه وليس هنا ذكر للدعاء، وفي حديث رفاعة الجهني عند أحمد وصححه ابن حبان: "وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا بغير حساب وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوؤوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن الجنة" وهو يدل على أن مزية السبعين بالدخول بغير حساب لا تستلزم أفضليتهم على غيرهم بل فيمن يحاسب في الجملة من هو أفضل منهم ومن يتأخر عن الدخول ممن تحققت نجاته وعرف مقامه من الجنة ليشفع في غيره من هو أفضل منهم.

٤٣ - باب الطِّيَرَةِ

(باب الطيرة) بكسر الطاء المهملة وفتح التحتية التشاؤم بالشيء، وأصل ذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا خرج أحدهم لحاجة فإن رأى الطير طار عن يمينه تيمن به واستمر وإن طار عن يساره تشاءم به ورجع وربما كانوا يهيجون الطير ليطير فيعيدون ذلك ويصح معهم في الغالب ليزين الشيطان لهم ذلك وبقيت بقايا من ذلك في كثير من المسلمين فنهى الشرع عن ذلك، وفي حديث إسماعيل بن أمية عند عبد الرزاق عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثلاثة لا يسم منهن أحد الطيرة والظن والحسد فإذا تطيرت فلا ترجع وإذا حسدت فلا تبغ وإذا ظننت فلا تحقق". وهذا كما في الفتح مرسل أو معضل لكن له شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في الشعب. وفي حديث أبي هريرة بسند لين عند ابن عدي

<<  <  ج: ص:  >  >>