للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرغبون في الطاعات فيبادرونها والكتاب اللوح المحفوظ أو صحيفة الأعمال وقوله: ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون أي ما يستقبلون من الأعمال كما (قال ابن عيينة) سفيان في تفسيره: (لم يعملوها لا بدّ من أن يعملوها) قبل موتهم لا محالة لتحق عليهم كلمة العذاب، وفي حديث ابن مسعود: فوالذي لا إله غيره إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.

٦٤٤٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ».

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي قال: (حدّثنا أبو بكر) هو ابن عياش بالتحتية المشددة آخره شين معجمة راوي قراءة عاصم أحد القراء السبعة قال: (حدّثنا أبو حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي (عن أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(ليس الغنى عن) سبب (كثرة العرض) بفتح العين والراء وبالضاد المعجمة ما ينتفع به من متع الدنيا سوى النقدين. وقال أبو عبيد: الأمتعة وهي ما سوى الحيوان والعقار وما لا يدخله كيل ولا وزن، وقال في المشارق مما نقله عنه في التنقيح: قال ابن فارس في المقاييس: وذكر هذا الحديث إنما سمعناه بسكون الراء وهو كل ما كان من المال غير نقد وجمعه عروض وأما العرض بفتح الراء فما يصيبه الإنسان من حظه في الدنيا. قال الله تعالى: {تريدون عرض الدنيا} [الأنفال: ٦٧] {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه} [الأعراف: ١٦٩] اهـ.

أي: ليس الغنى الحقيقي المعتبر كثرة المال لأن كثيرًا ممن وسع عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير من شدة حرصه. (ولكن) بتشديد النون ولأبي ذر بتخفيفها (الغنى) الحقيقي المعتبر الممدوح (غنى النفس) بما أوتيت وقنعها به ورضاها وعدم حرصها على الازدياد والإلحاح في الطلب لأنها إذا استغنت كفت عن المطامع فعزت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس بحرصه فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته وبخله ويكثر ذامه من الناس ويصغر قدره عندهم فيكون أحقر من كل حقير، وأذل من كل ذليل، وهو مع ذلك كأنه

فقير من المال لكونه لم يستغن بما أعطي فكأنه ليس بغني ولو لم يكن في ذلك إلا عدم رضاه بما قضاه الله لكفاه.

فإن قلت: ما وجه مناسبة الآيات للحديث؟ قال في الفتح: لأن خيرية المال ليست بذاته بل بحسب ما يتعلق به وإن كان يسمى خيرًا في الجملة وكذلك صاحب المال الكثير ليس غنيًّا لذاته بل بحسب تصرفه فيه، فإن كان في نفسه غنيًّا لم يتوقف في صرفه في الواجبات والمستحبات من وجوه البر والقربات وإن كان في نفسه فقيرًا أمسكه وامتنع من بذله فيما أمر به خشية من نفاده فهو في الحقيقة فقير صورة، ومعنى وإن كان المال تحت يده لكونه لا ينتفع به لا في الدنيا ولا في الآخرة بل ربما كان وبالاً عليه.

والحديث أخرجه الترمذي في الزهد.

١٦ - باب فَضْلِ الْفَقْرِ

(باب فضل الفقر) سقط لفظ باب لأبي ذر ففضل مرفوع على ما لا يخفى.

٦٤٤٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: «مَا رَأْيُكَ فِى هَذَا»؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ: هَذَا، وَاللَّهِ حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا رَأْيُكَ فِى هَذَا»؟ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ: أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا».

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدثني) بالإفراد (عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه) أبي حازم سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين (الساعدي) -رضي الله عنه- (أنه قال: مرّ رجل) لم يسم (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) عليه الصلاة والسلام (لرجل عنده جالس) هو أبو ذر الغفاري كما رواه ابن حبان في صحيحه من طريقه وفي باب الاكفاء في الدين من كتاب النكاح: ما تقولون في هذا؟ وهو خطاب لجماعة فيجمع بأن الخطاب وقع لجماعة منهم أبو ذر ووجه إليه:

(ما رأيك في هذا) الرجل المارّ (فقال) المسؤول هذا (رجل من أشراف الناس هذا والله حري) بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وتشديد التحتية جدير أو حقيق وَزْنًا ومعنى (إن خطب) امرأة (أن ينكح) بضم أوله وفتح الكاف أي تجاب خطبته (وإن شفع) في أحد (أن يشفع) بضم أوله

<<  <  ج: ص:  >  >>