للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عادته في المناسبة والمقصود من ذكر هذه الآية في هذا الباب أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مذكور بأنه أمر بالتلاوة على الأمة والتبليغ إليهم وأن نوحًا كان يذكّرهم بآيات الله وأحكامه كما أن المقصود بالباب في هذا الكتاب بيان كونه تعالى ذاكرًا ومذكورًا بمعنى الأمر والدعاء، ولم يذكر المصنف في هذا الباب حديثًا مرفوعًا، ولعله كان بيض له فأدمجه النساخ كغيره مما بيضه.

٤٠ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: ٢٢] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصّلت: ٩] وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: ٦٨] {وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [ازمر: ٦٥، ٦٦]. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦]، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ؟ لَيَقُولُنَّ: اللَّهُ. فَذَلِكَ إِيمَانُهُمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَمَا ذُكِرَ فِى خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَكْسَابِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢].

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ إِلَاّ بِالْحَقِّ بِالرِّسَالَةِ وَالْعَذَابِ {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: ٨] الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنَ الرُّسُلِ وَإِنَّا لَهُ حَافِظُونَ عِنْدَنَا وَالَّذِى جَاءَ بِالصِّدْقِ الْقُرْآنُ وَصَدَّقَ بِهِ الْمُؤْمِنُ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: هَذَا الَّذِى أَعْطَيْتَنِى عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ.

(باب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادًا} [البقرة: ٢٢]) أي اعبدوا ربكم فلا تجعلوا له

أندادًا لأن أصل العبادة وأساسها التوحيد وأن لا يجعل لله ندّ ولا شريك والندّ المثل ولا يقال إلا للمثل المخالف المناوئ (وقوله جلّ ذكره: {وتجعلون له أندادًا}) شركاء وأشباهًا ({ذلك}) الذي خلق ما سبق ({رب العالمين} [فصلت: ٩]) خالق جميع الموجودات لتكون منافع (وقوله) تعالى: ({والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر} [الفرقان: ٦٨]) أي لا يشركون ({ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك}) من الأنبياء عليهم السلام ({لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين}) وحد أشركت والموحى إليهم جماعة لأن المعنى أوحى إليك لئن أشركت ليحبطن عملك وإلى الذين من قبلك مثله واللام الأولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب، وهذا الجواب سادّ مسدّ الجوابين أعني جوابي القسم والشرط، وإنما صح هذا الكلام مع علمه تعالى بأن رسله لا يشركون لأن الخطاب للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمراد به غيره أو لأنه على سبيل الفرض والمحالات يصح فرضها والغرض تشديد الوعيد على من أشرك وأن للإنسان عملاً يُثاب عليه إذا سلم من الشك ويبطل ثوابه إذا أشرك ({بل الله فاعبد}) رد لما أمروه به من عبادة آلهتهم ({وكن من الشاكرين} [الزمر: ٦٥، ٦٦]) على ما أنعم به عليك، وسقط قوله: {ولتكونن} إلى آخره لأبي ذر وقال إلى قوله: {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}.

(وقال عكرمة) مولى ابن عباس فيما وصله الطبري (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ولئن سألتهم}) وللأصيلي لئن تسألهم ولأبي ذر قال: لئن سألتهم ({من خلقهم ومن خلق السماوات والأرض ليقولن الله}) بتشديد النون ولأبي ذر والأصيلي فيقولون بالتخفيف وزيادة واو وفاء بدل اللام (فذلك) القول (إيمانهم وهم يعبدون غيره) تعالى من الأصنام ونحوها.

(و) باب (ما ذكر في خلق أفعال العباد) ولأبي ذر عن الكشميهني أعمال العباد (واكتسابهم لقوله تعالى: {وخلق كل شيء}) أي أحدث كل شيء وحده ({فقدره تقديرًا} [الفرقان: ٢]) فهيأه لما يصلح له بلا خلل فيه وهو يدل على أنه تعالى خلق الأعمال من وجهين أحدهما أن قوله كل شيء يتناول جميع الأشياء ومن جملتها أفعال العباد، وثانيها أنه تعالى نفى الشريك فكأن قائلاً قال: هنا أقوام معترفون بنفي الشركاء، والأنداد ومع ذلك يقولون بخلق أفعال أنفسهم فذكر الله هذه الآية ردًّا عليهم ولا شبهة فيها لمن لا يقول الله شيء ولا لمن يقول بخلق القرآن لأن الفاعل بجميع صفاته لا يكون مفعوله.

(وقال مجاهد) المفسر فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({ما تنزل الملائكة إلا بالحق} [الحجر: ٨]) أي (بالرسالة والعذاب). وقال في الكواكب: ما ننزل الملائكة بالنون ونصب الملائكة استشهاد لكون نزول الملائكة بخلق الله وبالتاء المفتوحة والرفع لكون نزولهم بكسبهم ({ليسأل الصادقين عن صدقهم} [الأحزاب: ٨]) أي (المبلغين المؤدين) بكسر اللام والدال المشدّدتين فيهما (من الرسل) أي الأنبياء المبلغين المؤدين الرسالة عن تبليغهم والتفسير بهم إنما هو بقرينة السابق عليهم وهو قوله تعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم

وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} [الأحزاب: ٧] وهو لبيان الكسب حيث أسند الصدق إليهم والميثاق ونحوه ({وإنا له حافظون}) ولأبوي الوقت وذر: لحافظون ({عندنا}) هو أيضًا من قول مجاهد أخرجه الفريابي، وقال مجاهد أيضًا مما وصله الطبري: ((والذي جاء بالصدق} [الزمر: ٣٣]) هو (القرآن وصدق به) هو (المؤمن يقول يوم القيامة هذا الذي أعطيتني عملت بما فيه) وهو أيضًا للكسب إذا أضيف التصديق إلى المؤمن لا سيما وأضاف العمل أيضًا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>