شيخ البخاري فقال: قبل عباده (السلام على فلان) مرة في الصلاة على فلان وفلان، وفي ابن ماجة يعنون الملائكة (فقال لنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم): لفظ ذات مقحم أو هو من إضافة المسمى إلى اسمه.
(إن الله هو السلام) فكل سلام منه هو مالكه ومعطيه، وقال الخطابي: المراد أن الله هو ذو السلام فلا تقولوا السلام على الله فإن السلام منه إليه يعود ومرجع الأمر في إضافته إليه أنه ذو السلام من كل آفة وعيب (فإذا قعد أحدكم في) تشهد (الصلاة) في وسطها وآخرها (فليقل التحيات لله) أي أنواع التعظيم له (إلى قوله الصالحين) القائمين بما يجب عليهم من حقوق الله وحقوق عباده وتتفاوت درجاتهم (فإذا قالها) أي وعلى عباد الله الصالحين (أصاب كل عبد لله في السماء والأرض صالح) بالجر صفة لعبد (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ثم يتخير من الثناء) على الله (ما شاء) وفي كتاب الصلاة في باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد من الدعاء بدل قوله هنا من الثناء.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد (إسحاق) هو ابن منصور أو ابن راهويه قال: (أخبرنا يزيد) من الزيادة ابن هارون بن زاذان السلمي مولاهم الواسطي أحد الأعلام قال: (أخبرنا ورقاء) بفتح
الواو وسكون الراء بعدها قاف ممدودًا ابن عمر أبو بشر اليشكري الحافظ (عن سمي) بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد التحتية مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (قالوا) أي فقراء المهاجرين، وسمى منهم النسائي في اليوم والليلة: أبا الدرداء من طريق أبي عمر الضبي وأبي صالح كلاهما عن أبي الدرداء بلفظ قلت: يا رسول الله. وأبو داود والطبراني في الأوسط من وجه آخر عن أبي هريرة أبا ذر، وأخرجه الإمام أحمد وابن خزيمة وابن ماجة من حديث أبي ذر نفسه (يا رسول الله ذهب أهل الدثور) بضم الدال المهملة والمثلثة جمع دثر والدثر المال الكثير والدثور الدروس يقال دثر كقعد الرسم وتداثر الدثور بالفتح الرجل الخامل النؤوم وفي رواية عبيد الله العمري عن سمي في الصلاة وذهب أهل الدثور من الأموال (بالدرجات والنعيم المقيم) الذي لا انقطاع له، والنعيم ما يتنعم به من مطعم وملبس وعلوم ومعارف وغيرها والباء في بالدرجات بمعنى المصاحبة أي ذهب أهل الدثور بالدرجات واستصحبوها معهم في الدنيا والآخرة ومضوا بها ولم يتركوا لنا شيئًا فما حالنا (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(كيف ذاك) استفهام والكاف للخطاب وحقها في خطاب الجماعة ذاكم بالكاف والميم، ولكنه أراد خطاب واحد منهم لأن الكلام قد يكون من واحد لمصلحة جماعة (قال) أحد الفقراء من المهاجرين، ولأبي ذر عن الكشميهني قالوا:(صلوا كما صلينا) أي كانوا يصلون كما نصلي وما مصدرية والكاف نعت لمصدر محذوف عند الفارسي ومن تبعه واختار ابن مالك أن تكون حالاً من المصدر المفهوم من الفعل المتقدم بعد الإِضمار على طريق الاتساع أي يصلون الصلاة في حال كونها مثل ما نصلي (وجاهدوا) في سبيل الله (كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم) أي من زيادتها صدقات ومبرّات (وليست لنا أموال) ننفق منها كما أنفقوا (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أفلا أخبركم) ألا حرف عرض والفاء عاطفة وكان حقها أن تتقدم على همزة الاستفهام إلا أن الاستفهام له الصدر، وقيل الفاء زائدة مؤكدة، وقيل يقدّر في مثل هذا محذوف من معنى الجملة قبلها فيعطف عليه والمعنى هنا إذا قلتم ذلك فأعلمكم (بأمر تدركون) أي به (من كان قبلكم) من هذه الأمة المحمدية لأن فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم ثابت وإن لم يذكروا هذا الذكر (وتسبقون) به (من جاء بعدكم) من أهل الأموال (ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم) زاد أبو ذر به: (إلا من جاء بمثله)