للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفتح القاف أو بتشديد القاف مع فتح العين أي المشدودة بالعقال وهو الحبل الذي يشدّ في ركبة البعير (إن عاهد عليها أمسكها) أي استمرّ إمساكه لها (وإن أطلقها) من عقلها (ذهبت) أي انفلتت والحصر في قوله إنما هو حصر مخصوص بالنسبة إلى الحفظ والنسيان بالتلاوة والترك وشبه درس القرآن واستمرار تلاوته بربط البعير الذي يخشى منه أن يشرد فما دام التعاهد موجودًا فالحفظ موجود كما أن البعير ما دام مشدودًا بالعقال فهو محفوظ وخص الإبل بالذكر لأنها أشد الحيوان الإنسي نفورًا.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصلاة والنسائي في الفضائل والصلاة.

٥٠٣٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّيَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ».

[الحديث ٥٠٣٢ - أطرافه في: ٥٠٣٩].

وبه قال: (حدّثنا محمد بن عرعرة) السامي بالمهملة القرشي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود (قال: قال النبي ):

(بئس ما لأحدهم) ما نكرة موصوفة مفسرة لفاعل بئس أي بئس شيئًا وقوله (أن يقول)

مخصوص بالذم أي بئس شيئًا كائنًا للرجل قوله (نسيت) بفتح النون وكسر السين مخففة (آية كيت وكيت) كلمتان يعبر بهما عن الجمل الكثيرة والحديث الطويل وسبب الذم ما في ذلك من الإشعار بعدم الاعتناء بالقرآن إذ لا يقع النسيان إلا بترك التعاهد وكثرة الغفلة فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حفظه وتذكره فكأنه إذا قال: نسيت الآية الفلانية فكأنه شهد على نفسه بالتفريط فيكون متعلق الذم ترك الاستذكار والتعاهد لأنه يورث النسيان (بل نسي) بضم النون وتشديد السين المكسورة في جميع الروايات في البخاري وأكثر الروايات في غيره وبل إضراب عن القول بنسبة النسيان إلى النفس المسبب عن عدم التعاهد إلى القول بالإنساء الذي لا صنع له فيه فإذا نسيه إلى نفسه أوهم أنه انفرد بفعله، فالذي ينبغي أن يقول أنسيت أو نسيت مبنيًّا للمفعول فيهما أي إن الله هو الذي أنساني فينسب الأفعال إلى خالقها لما فيه من الإقرار بالعبودية والاستسلام لقدرة الربوبية نعم يجوز نسبة الأفعال إلى مكتسبها بدليل الكتاب والسُّنّة كما لا يخفى وقيل معنى نسي عوقب بالنسيان لتفريطه في تعاهده واستذكاره وقيل إن فاعل نسيت النبي كأنه قال: لا يقل أحد عني أي نسيت آية كذا فإن الله هو الذي أنساني لذلك لحكمة نسخه ورفع تلاوته وليس لي في ذلك صنع (واستذكروا القرآن) السين للمبالغة أي اطلبوا من أنفسكم مذاكرته والمحافظة على قراءته والواو في قوله: واستذكروا كما قال في شرح المشكاة عطف من حيث المعنى على قوله بئس ما لأحدهم أي لا تقصروا في معاهدته واستذكاره (فإنه أشد تفصيًا) بفتح الفاء وكسر الصاد المشددة وتخفيف التحتية بعدها منصوب على التمييز أي تفلتًا (من صدور الرجال من النعم) وهي الإبل لا واحد له من لفظه لأن شأن الإبل طلب التفلت ما أمكنها فمتى لم يتعاهدها صاحبها بربطها تفلتت فكذلك حافظ القرآن إذا لم يتعاهده تفلت بل هو أشد وإنما كان ذلك لأن القرآن ليس من كلام البشر بل هو من كلام خالق القوى والقدر وليس بينه وبين البشر مناسبة قريبة لأنه حادث وهو قديم لكن الله بلطفه العميم وكرمه القديم من عليهم ومنحهم هذه النعمة العظيمة، فينبغي أن يتعاهد بالحفظ والمواظبة ما أمكن فقد يسّره تعالى للذكر وإلاّ فالطاقة البشرية تعجز قواها عن حفظه وحمله قال تعالى: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر﴾ [القمر: ١٧] ﴿الرحمن علم القرآن﴾ [الرحمن: ١] ﴿ولو أنزلنا هذا القرآن على جبل﴾ [الحشر: ٢١] الآية.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصلاة والترمذي في القراءات والنسائي في الصلاة وفضائل القرآن.

٠٠٠٠ - : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ بِشْرٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ شُعْبَةَ. وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ شَقِيقٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ .

وبه قال: (حدّثنا عثمان) بن أبي شيبة قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (مثله) أي الحديث السابق وهذه الطريق ثابتة عند الكشميهني والنسفيّ ساقطة

لغيرهما (تابعه) أي تابع محمد بن عرعرة (بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة ابن محمد المروزي شيخ المصنف (عن ابن المبارك) عبد الله المروزي (عن شعبة) بن الحجاج وليس بشر بمنفرد بهذه المتابعة بل رواها الإسماعيلي من طريق حبان بن موسى عن ابن المبارك (وتابعه) أي تابع ابن عرعرة (ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز فيما وصله مسلم (عن عبدة) بسكون الموحدة ابن أبي لبابة بضم اللام وتخفيف الموحدتين (عن شقيق) أبي وائل بن سلمة أنه قال: (سمعت عبد الله) بن مسعود يقول (سمعت النبي ) فذكره ولم يقل في رواية مسلم ما بعد قوله: بل نسي.

٥٠٣٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا».

وبه قال: (حدّثنا محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الموحدة وفتح الراء ابن عبد الله (عن) جده (أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (عن النبي ) أنه (قال):

(تعاهدوا القرآن) بالحفظ والترداد (فوالذي نفسي بيده لهو) أي القرآن (أشد تفصيًا) وفي حديث عقبة بن عامر بلفظ أشد تفلتًا (من الإبل في عقلها) بضم العين والقاف وتسكن وللكشميهني من عقلها بدل في وهي تكون بمعنى من ومع والعقل جمع عقال مثل كتاب وكتب يقال عقلت البعير أعقله عقلًا وهو أن تثني وظيفه مع ذراعه فتشدهما جميعًا في وسط الذراع وذلك الحبل هو العقال.

٢٤ - باب الْقِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ

(باب) جواز (القراءة) للراكب (على الدابة).

٥٠٣٤ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِيَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهْوَ يَقْرَأُ عَلَى رَاحِلَتِهِ سُورَةَ الْفَتْحِ.

وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم الأنماطي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو إياس) بكسر الهمزة وتخفيف التحتية معاوية بن قرة المزني البصري (قال: سمعت عبد الله بن مغفل) بالغين المعجمة والفاء المشددة المفتوحتين المزني نسبة إلى أمه مزينة (قال: رأيت رسول الله يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته) ناقته (سورة الفتح) زاد المؤلّف من طريق مسلم بن إبراهيم عن شعبة في تفسير الفتح فرجع فيها أي ردّد صوته بالقراءة وفي التوحيد من طريق أخرى كيف ترجيعه قال: آآآ ثلاث مرات، وأراد المؤلّف بهذا الحديث كما قيل الرد على من كره القراءة على الدابة المنقول عن بعض السلف فيما نقله ابن أبي داود.

٢٥ - باب تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ

(باب تعليم الصبيان القرآن) لأنه أدعى إلى ثبوته ورسوخه عندهم كما قيل التعليم في الصغر كالنقش في الحجر، وقال بعضهم مما ذكره ابن الجوزي في تنبيه الغمر بمواسم العمر:

إن الغصون إذا قوّمتها اعتدلت … ولا يلين إذ قوّمته الخشب

قد ينفع الأدب الأحداث في مهل … وليس ينفع في ذي الشيبة الأدب

وعند ابن سعد بإسناد صحيح أن ابن عباس قال سلوني عن التفسير فإني حفظت القرآن وأنا صغير. وفي تهذيب النووي أن سفيان بن عيينة حفظ القرآن وهو ابن أربع سنين وقد جاء كراهية تعليم الصبيان القرآن عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي من جهة حصول الملال له والحق إن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص.

٥٠٣٥ - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ.

[الحديث ٥٠٣٥ - أطرافه في: ٥٠٣٦].

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (موسى بن إسماعيل) المنقري قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري (عن أبي بشر) بكسر

<<  <  ج: ص:  >  >>