وسكونها (فيه) أي النهر (رجل قائم و) هو (على وسط النهر) الجملة حالية وحذف المبتدأ المقدّر بهو، ولا يجوز أن يكون خبرًا مقدمًا على المبتدأ وهو قوله: (رجل بين يديه حجارة) لمخالفة ذلك سائر الروايات لأن الرجل الذي بين يديه حجارة هو على شط النهر لا على وسطه كما مرّ في آخر الجنائز بلفظ: وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة لا سيما وفي بعض الأصول ورجل بين يديه حجارة بالواو ولا يفصل بين المبتدأ والخبر، وفي رواية وسط النهر بغير واو، وحينئذ فتكون متعلقة بقائم، وقوله: رجل مبتدأ حذف خبره تقديره على الشط أو هناك والجملة حالية سواء كانت بالواو أو بدونها وعند ابن السكن على شط النهر بدل قوله وسط النهر،
وصوّبه القاضي عياض (فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج) من النهر، وفي رواية غير ابن عساكر وأبي الوقت: فإذا أراد الرجل أن يخرج (رمى الرجل) الذي في شط النهر (بحجر) من الحجارة التي بين يديه (في فيه) أي في فم الذي في النهر (فردّه حيث كان) من النهر (فجعل كلما جاء ليخرج) من النهر (رمى) الرجل الذي على الشط (في فيه بحجر) من تلك الأحجار. قال ابن مالك: تضمن وقوع خبر جعل الإنشائية جملة فعلية مصدّرة بكلما وحقه أن يكون فعلاً مضارعًا وقد جاء هنا ماضيًا (فيرجع كما كان) ولا يمكنه من الخروج منه. قال ﵊ (فقلت) لجبريل وميكائيل: (ما هذا)؟ الذي رأيت (فقال) أحدهما (الذي رأيته في النهر آكل الربا).
وهذا موضع الترجمة لكن ليس فيه ولا في سابقه ذكر لكاتب الربا وشاهده فقيل لأنهما لما كانا معاونين لآكله نزلاً منزلة الآكل، فترجم المؤلّف بالثلاثة أو أنهما رضيا به والراضي بالشيء كفاعله أو أنهما بفعلهما كأنهما قائلان إنما البيع مثل الربا أو عقد الترجمة لهما ولم يجد فيهما حديثًا على شرطه.
قال في الفتح: ولعله أشار إلى ما ورد في الكاتب والشاهد صريحًا فعند مسلم وغيره من حديث جابر: لعن رسول الله ﷺ آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده وقال: هم في الإثم سواء. ولأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه: لعن رسول الله ﷺ آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه، وفي رواية الترمذي بالتثنية وهذا إنما يقع على من
واطأ صاحب الربا عليه أما من كتبه أو شاهد القصة ليشهد بها على ما هي عليه ليعمل فيها بالحق فهو جميل القصد لا يدخل في الوعيد المذكور.
٢٥ - باب مُوكِلِ الرِّبَا
لِقَوْلِهِ ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ.
(باب) بيان إثم (موكل الربا) بضم الميم وكسر الكاف اسم فاعل أي مطعمه (لقوله) ولأبي الوقت لقول الله (تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا﴾) واتركوا (﴿ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين﴾) بقلوبكم فإن دليله امتثال ما أمرتم به وروي أنه كان لثقيف مال على بعض قريش فطالبوهم عند المحل بالمال والربا فنزلت ﴿فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله﴾ أي فاعلموا بها ﴿وإن تبتم﴾ من الارتباء واعتقاد حلّه ﴿فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون﴾ بالزيادة ﴿ولا تظلمون﴾ بالمطل والنقصان ﴿وإن كان ذو عسرة﴾ وإن وقع غريم ذو عسرة ﴿فنظرة﴾ فالحكم نظرة أو فعليكم نظرة أو فلتكن نظرة وهي الإنظار ﴿إلى ميسرة﴾ يسار ﴿وإن تصدقوا﴾ ﴿خير لكم﴾ أكثر ثوابًا من الإنظار أو خير مما تأخذون لمضاعفة ثوابه ﴿إن كنتم تعلمون﴾ ما فيه من الذكر الجميل والأجر الجزيل ﴿واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله﴾ يوم القيامة أو يوم الموت فتأهبوا لمصيركم إليه ﴿ثم توفى كل نفس ما كسبت﴾ أي جزاء ما عملت من خير أو شر ﴿وهم لا يظلمون﴾ [البقرة: ٢٧٨ - ٢٨١] ينقص ثواب أو تضعيف عقاب، ولفظ رواية ابن عساكر بعد قوله: ﴿وذروا ما بقي من الربا﴾ (إلى قوله: ﴿وهم لا يظلمون﴾) ولأبوي ذر والوقت إلى ﴿ما كسبت وهم لا يظلمون﴾ (قال ابن عباس) مما وصله المؤلّف في التفسير من طريق الشعبي عنه: (هذه) الآية من ﴿(واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله﴾ (آخر آية نزلت على النبي ﷺ).
٢٠٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: "رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ".
[الحديث ٢٠٨٦ - أطرافهفي: ٢٢٣٨، ٥٣٤٧، ٥٩٤٥، ٥٩٦٢].
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد