السفر (على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيبعث) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عليهم من يمنعهم) في محل نصب مفعول يبعث (أن يبيعوه حيث) أي من البيع في مكان (اشتروه حتى ينقلوه حيث يباع الطعام) في الأسواق لأن القبض شرط وبالنقل المذكور يحصل القبض ووجه نهيه عن بيع ما يشتري من الركبان إلا بعد التحويل، وفي موضع يريد أن يبيع فيه الرفق بالناس، ولذلك ورد النهي عن تلقي الركبان لأن فيه ضرر الغيرة من حيث السعر فلذلك أمرهم بالنقل عند تلقي الركبان ليوسعوا على أهل الأسواق.
٢١٢٤ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُبَاعَ الطَّعَامُ إِذَا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ". [الحديث ٢١٢٤ - أطرافه في: ٢١٢٦، ٢١٣٣، ٢١٣٦].
(قال) نافع بالسند السابق: (وحدّثنا ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يباع الطعام إذا اشتراه حتى يستوفيه) أي يقبضه وفيه أنه لا يجوز بيع المبيع قبل قبضه.
وحديث بيع الطعام قبل قبضه هذا أخرجه المؤلّف ومسلم وأبو داود والنسائي بأسانيد مختلفة وألفاظ متباينة.
٥٠ - باب كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي الأسواقِ
(باب كراهية السخب) بفتح السين المهملة والخاء المعجمة آخره موحدة ويجوز إبدال السين بالصاد المهملة لتقاربهما مخرجًا وهو رفع الصوت بالخصام ونحوه (في الأسواق).
٢١٢٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلَالٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّوْرَاةِ، قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا". تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ هِلَالٍ وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ: غُلْفٌ: كُلُّ شَىْءٍ فِي غِلَافٍ، سَيْفٌ أَغْلَفُ، وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ، وَرَجُلٌ أَغْلَفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا قَالَهُ أَبُو عَبْدُ الله. [الحديث ٢١٢٥ - طرفه في: ٤٨٣٨].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وبنونين بينهما ألف العوقي بفتح الواو وبالقاف كان ينزل العوقة بطن من عبد القيس فنسب إليهم وهو باهلي بصري قال: (حدّثنا فليح) هو ابن سليمان أبو يحيى الحراني واسمه عبد الملك وفليح لقبه قال: (حدّثنا هلال) هو ابن عليّ على الأصح القرشي المدني (عن عطاء بن يسار) بفتح التحتية والمهملة المخففة وبعد الألف راء أنه (قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاصي -رضي الله عنهما- قلت) له (أخبرني عن صفة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في التوراة) لأنه كان قد قرأها (قال) عبد الله (أجل) بفتح الهمزة والجيم وباللام حرف جواب مثل نعم فيكون تصديقًا للمخبر وإعلامًا للمستخبر ووعد للطالب فيقع بعد نحو قام ونحو أقام زيد ونحو اضرب زيد أي فيكون بعد الخبر وبعد الاستفهام والطلب وقيل يختص بالخبر وهو قول الزمخشري وابن مالك وقيد المالقي الخبر بالمثبت والطلب بغير النهي.
وقال في القاموس: هي جواب كنعم إلا أنه أحسن منه في التصديق ونعم أحسن منه في الاستفهام انتهى.
وهذا قاله الأخفش كما في المغني لابن هشام.
قال الطيبي: وفي الحديث جاء جوابًا للأمر على تأويل قرأت التوراة هل وجدت صفة رسول الله يلى فيها فأخبرني. قال: أجل (والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن) أكد كلامه بمؤكدات الحلف بالله والجمل الاسمية ودخول أن عليها ودخول لام التأكيد على الخبر: ({يا أيها النبي إنّا أرسلناك شاهدًا}) لأمتك المؤمنين بتصديقهم وعلى الكافرين بتكذيبهم وانتصاب شاهدًا على الحال المقدرة من الكاف أو من الفاعل أي مقدرًا أو مقدرين شهادتك على من بعثت إليهم وعلى تكذيبهم وتصديقهم أي مقبولاً عند الله لهم وعليهم كما يقبل قول الشاهد العدل في الحكم ({ومبشرًا}) للمؤمنين ({ونذيرًا}) [الأحزاب: ٤٥] للكافرين أو مبشرًا لللمطيعين بالجنة والعصاة بالنار أو شاهدًا للرسل قبله بالبلاغ وهذا كله في القرآن في سورة الأحزاب (وحرزًا) بكسر الحاء المهملة وبعد الراء الساكنة زاي أي حصنًا (للأميين) للعرب يتحصنون به من غوائل الشيطان أو من سطوة العجم وتغلبهم وسموا أميين لأن أغلبهم لا يقرؤون ولا يكتبون (أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل) أي على الله لقناعته باليسير من الرزق واعتماده على الله في النصر والصبر على انتظار الفرج والأخذ بمحاسن الأخلاق واليقين بتمام وعد الله فتوكل عليه فسماه المتوكل (ليس بفظّ) سيئ الخلق جافيًا (ولا غليظ) قاسي القلب، وهذا موافق لقوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: ١٥٩] ولا يعارض قوله تعالى: {واغلظ عليهم} [التوبة: ٧٣، والتحريم: ٩] لأن النفي محمول على طبعه الذي جبل عليه والأمر محمول على المعالجة أو النفي بالنسبة للمؤمنين والأمر