(كتاب الوصايا). جمع وصية وهي لغة الإيصال من وصى الشيء بكذا أوصله به لأن الموصي وصل خير دنياه بخير عقباه، وشرعًا تبرع بحق مضاف إلى ما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق وإن التحقا بها حكمًا في حسابهما من الثلث كالتبرع المنجز في مرض الموت أو الملحق به.
١ - باب الْوَصَايَا، وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ:«وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»
(بسم الله الرحمن الرحيم). (باب) حكم (الوصايا) وقدّم النسفيّ في روايته البسملة على لفظ كتاب (و) باب (قول النبي ﷺ: وصية الرجل مكتوبة عنده) التقييد بالرجل خرج مخرج الغالب، وإلا فلا فرق في الوصية الصحيحة بين الرجل والمرأة، لكن قال الحافظ ابن حجر: إنه لم يقف على هذا الحديث باللفظ المذكور فكأنه رواه بالمعنى فإن المرء هو الرجل، (و) باب (قول الله تعالى): ولأبي ذر: وقال الله ﷿: (﴿كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت﴾) أي حضرت أسبابه وظهرت أماراته ﴿إن ترك خيرًا﴾ مالاً، وقيل: مالاً كثيرًا لما روي عن علي ﵁ أن مولى له أراد أن يوصي وله سبعمائة درهم فمنعه، وقال الله تعالى:(﴿إن ترك خيرًا﴾) والخير هو المال الكثير (﴿الوصية﴾) مرفوع بكتب وتذكير فعلها على تأويل أن يوصي أو الإيصاء (﴿للوالدين والأقربين بالمعروف﴾) بالعدل فلا يفضل الغنى ولا يتجاوز الثلث (﴿حقًّا على المتقين﴾) مصدر مؤكد أي حق حقًّا أي واجبًا (﴿فمن بدّله﴾) أي بدل ما ذكر من الوصية (﴿بعدما سمعه﴾) وصل إليه (﴿فإنما إثمه على الذين يبدّلونه﴾) ووقع
أجر الميت على الله (﴿إن الله سميع﴾) للوصية (﴿عليم﴾) بما بدل منها فيجازي المبدل بغير حق، وهذا الحكم كان في بدء الإسلام قبل نزول آية المواريث فلما نزلت نسختها وصارت المواريث المقررة فريضة من الله يأخذها أهلها حتمًا من غير وصية ولا تحمل ما نيّة الوصي، وفي حديث عمرو بن خارجة في السنن مرفوعًا "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"(﴿فمن خاف من موصٍ﴾) أي توقع وعلم (﴿جنفًا أو إثمًا﴾) بأن تعمد الجور في وصيته فزاد على الثلث (﴿فأصلح بينهم﴾) بين