للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي قبله في قول الحكم نحو ذلك، وقد قال الدارقطني في العلل: لم يختلف على عروة عن عائشة أنه كان عبدًا، وكذا قال جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن عائشة وأبو الأسود وأسامة بن زيد عن القاسم.

وأما ما أخرجه القاسم بن أصبغ في تصنيفه وابن حزم من طريقه. قال: أخبرنا أحمد بن يزيد المعلم، وحدّثنا موسى بن معاوية عن جرير عن هشام عن أبيه عن عائشة كان زوج بريرة حرًّا فهو وهم من موسى أو من أحمد فإن الحفاظ من أصحاب هشام ثم أصحاب جرير قالوا: كان عبدًا منهم إسحاق بن راهويه رواه النسائي، وعثمان بن أبي شيبة رواه أبو داود، وعلي بن حجر رواه الترمذي، وأصله عند مسلم وأحال به على رواية أبي أسامة عن هشام وفيها أنه كان عبدًا ولم يختلف على ابن عباس في أنه كان عبدًا وجزم به الترمذي عن ابن عمر، وحديثه عند الشافعي والدارقطني وغيرهما.

وأخرج النسائي بسند صحيح من حديث صفية بنت عبيد قالت: كان زوج بريرة عبدًا، وقال النووي: ويؤيد ذلك قول عائشة كان عبدًا ولو كان حرًّا لم يخيرها فأخبرت وهي صاحبة القصة بأنه كان عبدًا ثم علّلت بقولها ولو كان حرًّا لم يخيرها ومثل هذا لا يكاد أحد يقوله إلا توقيفًا انتهى ملخصًا من الفتح.

١٦ - باب شَفَاعَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ

(باب شفاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في زوج بريرة) لترجع إلى عصمته.

٥٢٨٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ،

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَبَّاسٍ: «يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا». فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ رَاجَعْتِيهِ». قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ». قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد) هو ابن سلام البيكندي قال: (أخبرنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته) يترضاها لتختاره (فقال النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعباس) عمه:

(يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثًا) لأن الغالب أن المحب لا يكون إلا حبيبًا. وعند سعيد بن منصور أن العباس كان كلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يطلب إليها في ذلك، وفي مسند الإمام أحمد أن مغيثًا توسل بالعباس في سؤال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك، وظاهره أن قصة بريرة كانت متأخرة في السنة التاسعة أو العاشرة لأن العباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من غزوة الطائف وذلك أواخر سنة ثمان، ويدل له أيضًا قول ابن عباس أنه شاهد ذلك وهو إنما قدم المدينة مع أبويه وهذا يردّ قول من قال إنها كانت قبل الإفك، وجوّز الشيخ تقي الدين السبكي أن بريرة كانت تخدم عائشة قبل شرائها أو اشترتها وأخّرت عتقها إلى ما بعد الفتح أو دام حزن زوجها عليها مدة طويلة أو حصل لها الفسخ وطلب أن تردّه بعقد جديد (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لها (لو راجعتيه) بمثناة تحتية بعد الفوقية في الفرع مصححًا عليها وقال الحافظ ابن حجر، وتبعه العيني بمثناة واحدة قال: ووقع في رواية ابن ماجة لو راجعتيه بإثبات تحتية ساكنة بعد المثناة وهي لغة ضعيفة، وتعقبه العيني فقال: إن صحّ هذا في الرواية فهي لغة فصيحة لأنها صادرة من أفصح الخلق انتهى. والذي في اليونينية بحذف التحتية مصححًا عليه.

(قالت): ولابن عساكر فقالت: (يا رسول الله، تأمرني) بذلك؟ (قال): لا (إنما أنا أشفع) فيه لا على سبيل الحتم فلا يجب عليك وسقط لابن عساكر لفظ أنا (قالت): ولأبي ذر فقالت (لا) ولأبي ذر وابن عساكر: فلا (حاجة لي فيه).

وفي هذا الحديث جواز الشفاعة من الحاكم عند الخصم في خصمه إذا ظهر حقه وإشارته عليه بالصلح أو الترك وحب المسلم للمسلمة وإن أفرط فيه ما لم يأت محرمًا وغير ذلك من فرائد الفوائد حتى قيل إنها تزيد على الأربعمائة.

[١٧ - باب]

هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة.

٥٢٨٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أن

عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَأَبَى مَوَالِيهَا إِلَاّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلَاءَ، فَذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَأُتِىَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: إِنَّ هَذَا مَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن رجاء) الغداني البصري قال: (أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتحتين ابن عتيبة بضم العين المهملة وفتح الفوقية وسكون التحتية بعدها موحدة (عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد (أن عائشة) -رضي الله عنها- (أرادت أن تشتري بريرة فأبى مواليها) ملاكها

<<  <  ج: ص:  >  >>