الواقدي (فأمر) ﷺ (به فجلد) وللواقدي فأمر به فخفق بالنعال وحينئذٍ فيكون معنى فجلد أي ضرب ضربًا أصاب جلده (فقال) ولأبي ذر قال: (رجل من القوم) وعند الواقدي فقال عمر ﵁: (اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به) بضم التحتية وفتح الفوقية وما مصدرية أي ما أكثر إتيانه وللواقدي ما أكثر ما يضرب وفي رواية معمر ما أكثر ما يشرب وما أكثر ما يجلد (فقال النبي ﷺ):
(لا تلعنوه فوالله ما علمت) أي الذي علمت (أنه) بفتح همزة أن واسمها الضمير وخبرها (يحب الله ورسوله) وأن مع اسمها وخبرها سد مسد مفعولي علمت لكونه مشتملاً على المنسوب والمنسوب إليه، والضمير في أنه يعود إلى الموصول والموصول مع صلته خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي علمت والجملة جواب القسم، قاله المظهري. قال الطيبي: وفيه تعسف، وقال صاحب المطالع: ما موصولة وأنه بكسر الهمزة مبتدأ وقيل بفتحها وهو مفعول علمت. قال الطيبي: فعلى هذا علمت بمعنى عرفت وأنه خبر الموصول قال: وجعل ما نافية أظهر لاقتضاء القسم أن يتلقى بحرف النفي وبأن وباللام بخلاف الموصول ولأن الجملة القسمية جيء بها مؤكدة لمعنى النهي مقررة للإنكار، ولأبي ذر عن الكشميهني إلا أنه بزيادة إلا وفتح همزة أنه ولأبي ذر إنه بكسر الهمزة ورواية الكشميهني مؤيدة لقول الطيبي إن جعلت ما نافية الخ كما قال بعد ذلك، ويؤيده أنه وقع في شرح السنة فوالله ما علمت إلا أنه في رواية الواقدي فإنه يحب الله ورسوله ولا إشكال فيها لأنها جاءت تعليلاً لقوله لا تفعل.
وفي الحديث الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر لثبوت النهي عن لعنه وأنه لا تنافي بين ارتكاب النهي وثبوت محبة الله ورسوله في قلب المرتكب لأنه ﷺ أخبر أن المذكور يحب الله ورسوله مع ما صدر منه وكراهة لعن شارب الخمر، وقيل المنع في حق من أقيم عليه الحد لأن الحد كفر عنه الذنب، وقيل المنع مطلقًا في حق ذي الزلة والجواز مطلقًا في حق المهاجرين، وصوّب ابن المنير أن المنع مطلقًا في حق المعين والجواز في حق غير المعين لأنه في حق غير المعين زجر عن تعاطي ذلك الفعل، واحتج الإمام البلقيني على جواز لعن المعين بالحديث الوارد في المرأة
إذا دعاها زوجها إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح وتعقبه بعضهم بأن اللاعن لها الملائكة فيتوقف الاستدلال به على جواز التأسي بهم، ولئن سلمنا فليس في الحديث تسميتها. وأجيب: بأن الملك معصوم والتأسي بالمعصوم مشروع.
والحديث من إفراده.
٦٧٨١ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِىَ النَّبِىُّ ﷺ بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ».
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله بن جعفر) المديني قال: (حدّثنا أنس بن عياض) أبو ضمرة قال: (حدّثنا ابن الهاد) هو عبد الله بن شداد بن الهاد (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث التيمي (عن أبي سلمة) بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن أبي هريرة) ﵁ أنه (قال: أتي) بضم الهمزة (النبي ﷺ بسكران) تقدم أنه النعيمان أو ابن النعيمان بالتصغير فيهما وبالشك (فأمر بضربه) ولأبي ذر عن المستملي فقام ليضربه قال في الفتح: وهو تصحيف (فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه فلما انصرف قال رجل) قيل إنه عمر بن الخطاب ﵁: (ما له أخزاه الله) أي أذله (فقال رسول الله ﷺ):
(لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم) المسلم لأن الله إذا أخزاه استحوذ عليه الشيطان، وقيل غير ذلك مما سبق قريبًا في باب الضرب بالجريد والنعال.
وفي الحديث كلما قال القرطبي إن السكر بمجرده موجب للحدّ لأن الفاء للتعليل كقوله: سها فسجد ولم يفصل هل سكر من ماء عنب أو غيره ولا هل شرب قليلاً أو كثيرًا ففيه حجة للجمهور على الكوفيين في التفرقة.
٦ - باب السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ
(باب السارق حين يسرق) بكسر الراء.
٦٧٨٢ - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ».
[الحديث ٦٧٨٢ - طرفه في: ٦٨٠٩].
وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (عمرو بن علي) بفتح العين أي ابن بحر الصيرفي قال: (حدّثنا عبد الله بن داود) بن عامر الكوفي قال: (حدّثنا فضيل بن غزوان) بضم
الفاء وفتح المعجمة مصغرًا وغزوان بفتح العين المعجمة