أخبرني) بالإفراد (عبد الرحمن بن عبد الله) يقال لعبد الله هذا رؤية (ابن كعب بن مالك) الأنصاري (أن) أباه (عبد الله بن كعب) زاد في اليونينية بين الأسطر من غير رقم عليه -رضي الله عنه-
(وكان) أي عبد الله (قائد كعب) أبيه حين عمي (من بنيه) عبد الله هذا وأخويه عبيد الله بالتصغير وعبد الرحمن (قال): أي عبد الله (سمعت) أبي (كعب بن مالك) هو ابن أبي كعب عمرو الشيباني (حين تخلف عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في غزوة تبوك (ولم يكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يريد غزوة إلاّ ورّى بغيرها) لئلا يتفطن العدوّ فيستعد للدفع.
٢٩٤٨ - وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه-: يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلَاّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا وَمَفَازًا وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ".
وبه قال: (وحدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (أحمد بن محمد) هو ابن موسى المروزي أبو العباس مردويه الكلاباذي السمسار قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد (عن) ابن شهاب (الزهري قال: أخبرني) بالإفراد (عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت) جدي (كعب بن مالك) اعترضه الدارقطني بأن عبد الرحمن لم يسمع من جده كعب، وإنما سمع من أبيه عبد الله، واستدلّ لذلك بما رواه سويد بن نصر عن ابن المبارك حيث قال عن أبيه عن كعب كما قال الجماعة، لكن جوّز الحافظ ابن حجر سماعه له عن جده كأبيه وثبته فيه أبوه فكان في أكثر الأحوال يرويه عن أبيه عن جدّه، وربما رواه عن جده لكن رواية سويد بن نصر توجب أن يكون الاختلاف فيها على ابن المبارك، وحينئذ فتكون رواية أحمد بن محمد شاذة ولا يترتب على تخريجها كبير تعليل فإن الاعتماد إنما هو على الرواية المتصلة انتهى.
وحمله بعضهم على أن يكون ذكر "ابن" موضع "عن" تصحيفًا من بعض الرواة، فكأنه كان
أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله عن كعب بن مالك (-رضي الله عنه- يقول: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قلما)
يوصل اللام بالميم وفي نسخة أبي ذر قل ما يفصلها منها (يريد غزوة يغزوها إلاّ ورّى) بتشديد الراء
أي سترها وكنى عنها (بغيرها حتى كانت غزوة تبوك) في رجب سنة تسع من الهجرة بتقديم المثناة
الفوقية على المهملة والمشهور في تبوك منع الصرف للعلمية والتأنيث ومن صرفها أراد الموضع (فغزاها
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حرّ شديد واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا) بفتح الفاء والزاي البرية التي بين المدينة
وتبوك سميت مفازًا تفاؤلاً بالفوز، وإلاّ فهي مهلكة كما قالوا للديغ سليم، (واستقبل غزو عدوّ كثير فجلا) قال الزركشي وابن حجر والدماميني وغيرهم: بالجيم وتشديد اللام زاد ابن حجر فقال: ويجوز تخفيفها. وقال العيني: بتخفيف اللام وضبطه الدمياطي في حديث سعد في المغازي بالتشديد وهو خطأ أي أظهر (للمسلمين أمرهم) بالجمع ولأبي ذر عن الحموي أمره (ليتأهبوا أهبة عدوّهم) أي
ليكونوا على أهبة يلاقون بها عدوّهم ويعتدّوا لذلك (وأخبرهم بوجهه الذي يريد) أي بجهته التي يريدها وهي جهة تبوك.
٢٩٤٩ - وَعَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- كَانَ يَقُولُ: "لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إِلَاّ يَوْمَ الْخَمِيسِ".
(و) بالسند السابق عن ابن المبارك (عن يونس) بن يزيد (عن) ابن شهاب (الزهري قال: أخبرني) بالإفراد (عبد الرحمن) عم عبد الرحمن بن عبد الله (بن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أن كعب بن مالك كان يقول: لقلما كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخرج) في يوم من الأيام (إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس) فإن أكثر خروجه في السفر فيه، وقد وهم من زعم أن هذا الحديث معلق.
٢٩٥٠ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ".
وبه قال: (حدّثني) وفي بعض النسخ: حدّثنا (عبد الله بن محمد) المسندي بفتح النون قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن) ابن شهاب (الزهري عن عبد الرحمن) أخي عبد الله (بن كعب بن مالك عن أبيه) كعب بن مالك (-رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج يوم الخميس) من المدينة (في غزوة تبوك وكان يحب أن يخرج) في السفر جهاد أو غيره (يوم الخميس).
والمطابقة بين الأحاديث والترجمة ظاهرة، وحاصل ما سبق في أسانيدها أن الزهري سمع من عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب كما في الحديثين الأولين ومن عمه عبد الرحمن بن كعب كما في باقيها. وكذا روى أيضًا عن أبيه عبد الله بن كعب نفسه، وكذا عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عمه عبيد الله بن كعب بالتصغير.
١٠٤ - باب الْخُرُوجِ بَعْدَ الظُّهْرِ
٢٩٥١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بن زيدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا".
(باب) بيان (الخروج) في السفر (بعد الظهر).
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الأزدي الواشحي بالشين المعجمة والحاء المهملة البصري قال: (حدّثنا حماد) ولأبي ذر: حماد بن زيد (عن أيوب) السختياني (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي (عن أنس) هو ابن مالك (-رضي الله عنه-) (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما أراد حجة الوداع (صلى بالمدينة الظهر أربعًا) يوم السبت خامس عشر ذي القعدة لأن الوقفة بعرفة كانت يوم الجمعة فأول الحجة الخميس قطعًا، ولا يقال أن الخامس والعشرين من القعدة الجمعة لأنه عليه السلام صلّى الظهر أربعًا فتعين أن يكون أول القعدة الأربعاء والخامس والعشرين منه يوم السبت فيكون ناقصًا (و) صلّى عليه الصلاة والسلام (العصر بذي الحليفة ركعتين) قصرًا قال أنس: (وسمعتهم يصرخون) بضم الراء في الفرع ويجوز فتحها ولم يضبطها في اليونينية أي يلبون برفع الصوت (بهما) أي بالحج والعمرة (جميعًا).
وفي الحديث إشارة إلى جواز التصرف في غير وقت البكور لأن خروجه عليه الصلاة والسلام كان بعد الظهر وحينئذ فلا يمنع حديث "بورك لأمتي في بكورها" المروي في السنن، وصححه ابن حبان من حديث صخر الغامدي بالغين المعجمة والدال المهملة جواز ذلك وإنما كان في البكور بركة لأنه وقت نشاط.
١٠٥ - باب الْخُرُوجِ آخِرَ الشَّهْرِ
وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ".
(باب) جواز (الخروج) إلى السفر (آخر الشهر) من غير كراهة، (وقال كريب) مولى ابن عباس فيما وصله المؤلّف في حديث طويل في الحج (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: انطلق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من المدينة) في حجة الوداع (لخمس بقين من ذي القعدة) يوم السبت أي في الأذهان حالة الخروج بتقدير تمامه فاتفق أن كان الشهر ناقصًا فأخبر بما كان في الأذهان يوم الخروج لأن الأصل التمام أو ضم يوم الخروج إلى ما بقي لأن التأهب وقع في أوله كأنهم لما باتوا ليلة السبت على سفر اعتدّوا به من جملة أيام السفر قاله في الفتح، وفيه جواز السفر في أواخر الشهر خلافًا لما كان عليه أهل الجاهلية حيث كانوا يتحرون أوائل الشهر للأعمال ويكرهون فيه التصرف، (وقدم) عليه الصلاة والسلام (مكة لأربع ليالٍ خلون من ذي الحجة).
٢٩٥٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- تَقُولُ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَلَا نُرَى إِلَاّ الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدُخِلَ عَلَيها يَوْمَ النَّحْرِ
بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَزْوَاجِهِ". قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن يحيي بن سعيد) الأنصاري (عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية (أنها سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر عن المستملي: خرج (لخمس ليالٍ بقين من ذي القعدة) بفتح القاف وكسرها سمي به لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال (ولا نرى) بضم النون وفتح الراء أي لا نظن (إلاّ الحج، فلما دنونا) بفتح الدال والنون أي قربنا (من مكة أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت) الحرام (وسعى بين الصفا