للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواية الكشميهني والأصيلي، وفي رواية ابن عساكر كلتا رجليه وهي التي اعتمدها في عمدة الأحكام.

(ثم قال) رضي الله عنه: (رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتوضأ نحو وضوئي هذا، وقال) وفي رواية ثم

قال: (من توضأ) وضوءًا (نحو وضوئي هذا) وفي الرقاق عند المؤلف مثل وضوئي هذا (وصلَّى) وفي رواية ثم صلى (ركعتين لا يحدث فيهما نفسه) بشيء أصلاً كذا نقله القاضي عياض عن بعضهم، ويشهد له ما أخرجه ابن المبارك في الزهد بلفظ لم يسر فيهما، ورده النووي فقال: الصواب حصول هذه الفضيلة مع طريان الخواطر العارضة غير المستقرة (غفر الله له) وفي رواية غير المستملي غفر له مبنيًّا للمفعول (ما تقدم من ذنبه) من الصغائر، وفي الرواية السابقة في باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا. ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من توضأ نحو وضوئي هذا" الخ فوقع في الحديث المسوق هنا رفع صفة الوضوء إلى فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وهذا الحديث رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ومسنده معًا بلفظ: حدّثنا خالد بن مخلد قال: حدّثنا إسحاق بن حازم قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: حدّثني حمران بن أبيان مولى عثمان قال دعا عثمان بن عفان رضي الله عنه بوضوء في ليلة باردة وهو يريد الخروج إلى الصلاة فجئته بماء فأكثر ترداد الماء على وجهه ويديه فقلت: حسبك فقد أسبغت الوضوء والليلة شديدة البرد، فقال: صبّ فإني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لا يسبغ عبد الوضوء إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"، قال الحافظ ابن حجر: وأصل هذا الحديث في الصحيحين من أوجه وليس في شيء منها زيادة وما تأخر.

وأخرجه أيضًا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد المروزي شيخ النسائي في مسند عثمان له، وتابع ابن أبي شيبة جماعة منهم محمد بن سعيد بن يزيد التستري أخرجه عنه عبد الرزاق وسقط لفظ نفسه لابن عساكر عن الكشميهني.

٢٩ - باب غَسْلِ الأَعْقَابِ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ

(باب غسل الأعقاب) جمع عقب بفتح العين وكسر القاف أي وما يلحق بها مما فى معناها من جميع الأعضاء التي قد يحصل التساهل في إسباغها، ومن ثم ذكر موضع الخاتم لأنه قد لا يصل إليه الماء إذا كان ضيقًا فقال: (وكان ابن سيرين) محمد التابعي الجليل مما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح والمؤلف في تاريخه (يغسل موضع الخاتم إذا توضأ)، وذهب الشافعي والحنفية إلى أنه إن كان الخاتم واسعًا بحيث يدخل الماء تحته أجزأ من غير تحريكه وإن كان ضيفًا فليحرك.

١٦٥ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ - قَالَ: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».

وبه قال: (حدّثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة وتخفيف المثناة التحتية، وسقط لابن عساكر لفظ ابن أبي إياس (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدثنا محمد بن زياد) بكسر الزاي وتخفيف المثناة التحتية القرشي الجمحي المدني التابعي الجليل (قال):

(سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه (وكان يمرّ بنا) جملة حالية من مفعول سمعت، وهو قول أبي هريرة ويمر بنا جملة في محل نصب خبر كان (والناس) مبتدأ خبره (يتوضؤون) والجملة حال من فاعل كان (من المطهرة) بكسر الميم الإناء المعدّ للتطهير وفتحها أجود، وصح في الحديث السواك مطهرة للفم (قال) أي سمعت أبا هريرة حال كونه قائلاً، وفي رواية الأربعة فقال بالفاء التفسيرية لأنه يفسر قال المحذوفة بعد قوله أبا هريرة، لأن التقدير سمعت أبا هريرة قال: وكان يمر بنا الخ فإن الذات لا تسمع فالمراد قول أبي هريرة: (أسبغوا الوضوء) بفتح الهمزة من الإسباغ وهو إبلاغه مواضعه وإيفاء كل عضو حقه (فإن أبا القاسم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ويل للأعقاب من النار). والأعقاب جمع عقب بكسر القاف وهو العظم المرتفع عند مفصل الساق والقدم ويجب إدخاله في غسل الرجلين لقوله تعالى: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] قال المفسرون أي مع الكعبين، وأل في الأعقاب للعهد، ويلحق بها ما يشاركها في ذلك.

وفي حديث عبد الله بن الحرث عند الحاكم: ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار، والمعنى كما قاله البغوي ويل لأصحابها المقصرين في غسلها ففيه حذف المضاف، أو المعنى أن العقب يختص بالعقاب إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>