للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نحن الذين تحاببت أرواحنا ... من قبل خلق الله طينة آدم

وهذا الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة في الأدب.

(وقال يحيى بن أيوب) الغافقي البصري مما وصله الإسماعيلي (حدثني) بالإفراد (يحيى بن سعيد) الأنصاري (بهذا) الحديث السابق وليس يحيى بن أيوب من شرط المؤلّف فلذا أخرج له في الاستشهاد، وأورده من الطريقين بلا إسناد فصار أقوى مما لو ساقه بإسناده قاله الإسماعيلي. قال ابن حجر: ويشهد للمتن حديث أبي هريرة عند مسلم.

٣ - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: ٢٥]

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {بَادِئَ الرَّأْيِ}: مَا ظَهَرَ لَنَا. {أَقْلِعِي}: أَمْسِكِي. {وَفَارَ التَّنُّورُ}: نَبَعَ الْمَاءُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الأَرْضِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ {الْجُودِيُّ}: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ. {دَأْبٌ}: مِثْلُ حَالٌ.

{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ [نوح: ١ - ٢٨]. {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ} -إِلَى قَوْلِهِ- {مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

(باب) قول الله عز وجل ({ولقد}) جواب قسم محذوف تقديره والله لقد ({أرسلنا}) أي بعثنا ({نوحًا إلى قومه}) [الأعراف: ٥٩] وهو ابن خمسين سنة. وقال مقاتل: ابن مائة سنة، وعند ابن جرير ثلاثمائة وخمسين سنة. وقال ابن عباس: سمي نوحًا لكثرة نوحه على نفسه، واختلف في سبب نوحه فقيل لدعوته على قومه بالهلاك، وقيل لمراجعته ربه في شأن ابنه كنعان وهو نوح بن لامك بن متوشلح بن اخنوخ وهو إدريس وهو أول نبي بعثه الله بعد إدريس، وقال القرطبي: أوّل نبي بعثه الله بعد آدم بتحريم البنات والعمات والخالات، وكان مولده فيما ذكره

ابن جرير بعد وفاة آدم بمائة وستة وعشرين عامًا ومات وعمره ألف سنة وأربعمائة سنة ودفن بالمسجد الحرام، وقيل غير ذلك. وعن أبي أمامة أن رجلاً قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: (نعم). قال: فكم كان بينه وبين نوح؟ قال: "عشرة قرون". رواه ابن حبان وصححه. قال ابن كثير: وهو على شرط مسلم ولم يخرجوه.

(قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما رواه ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ({بادي الرأي}) [هود: ٢٧] أي (ما ظهر لنا). من غير روية وتأمل بل من أوّل وهلة. ({أقلعي}) قال ابن عباس أي (أمسكي) ومنه اقلعت الحمى وهذا مجاز لأنها موات، وقيل جعل فيها ما تميز به والذي قال إنه مجاز قال لو فتش كلام العرب والعجم ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها وبلاغة وصفها واشتمال المعاني فيها ({وفار التنور}) [هود: ٤٠] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة أي (نبع الماء) فيه وارتفع كالقدر يفور، والتنور أشرف موضع في الأرض وأعلاه أو التنور الذي يخبز فيه ابتدأ منه النبوع على خرق العادة، وكان في الكوفة في موضع مسجدها أو في الهند قيل: وكان من حجارة كانت حوّاء تخبز فيه فصار إلى نوح.

(وقال عكرمة) مولى ابن عباس فيما وصله ابن جرير: التنور (وجه الأرض) وهو قول الزهري أيضًا. (وقال مجاهد) فيما وصله ابن أبي حاتم ({الجودي}) في قوله تعالى: {واستوت على الجوديّ} [هود: ٤٤] هو (جبل بالجزيرة) المعروفة بابن عمر في الشرق فيما بين دجلة والفرات وزاد ابن أبي حاتم تشامخت الجبال يوم الغرق وتواضع هو لله تعالى فلم يغرق وأرسيت عليه سفينة نوح، وروي أنه ركب السفينة عاشر رجب ونزل عاشر المحرم فصام ذلك اليوم وصار سنة، وذكر ابن جرير وغيره أن الطوفان كان في ثالث عشر آب في شدة القيظ.

وقد روي أن نوحًا لما يئس من صلاح قومه دعا عليهم دعوة غضب الله عليهم فلبى دعوته وأجاب طلبته قال تعالى: {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون} [الصافات: ٧٥] وأمره أن يغرس شجرًا ليعمل منه السفينة فغرسه وانتظره مائة سنة ثم نجره في مائة سنة أخرى وأمره أن يجعل طولها ثمانين ذراعًاً وعرضها خمسين ذراعًا. وقال قتادة: كان طولها ثلاثمائة ذراع في عرض خمسين. وقال الحسن البصري: ستمائة في عرض ثلاثمائة. وعن ابن عباس ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة. وكانت ثلاث طبقات كل واحد عشرة أذرع، فالسفلى للدواب والوحوش والوسطى للناس والعليا للطيور وكان لها غطاء من فوقها مطبق عليها، وفتحت أبواب السماء بماء منهمر وفجرت الأرض عيونًا، وأمره الله تعالى أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين من الحيوانات وسائر ما له روح من المأكولات وغيرها لبقاء نسلها ومن آمن ومن أهل بيته إلا من كان كافرًا، وارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض خمسة عشر ذراعًاً، وقيل: ثمانين ذراعًاً، وعم الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>