عليه البوار والفعل منه (بار يبور بورًا) بفتح الموحدة وسكون الواو ({قومًا بورً}) أي (هالكين) قاله أبو عبيدة وغيره،
ويحتمل أن يكون بورًا مصدرًا وصف به الجمع وأن يكون جمع بائر في المعنى ومن وقوع البور على الواحد قوله:
يا رسول المليك إن لساني ... راتق ما فتقت إذ أنا بور
وثبت قوله قومًا بورًا لأبي ذر.
٤٧٠٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: ٢٨] قَالَ: هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) هو ابن دينار (عن عطاء) هو ابن أبي رباح أنه (سمع ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما يقول في قوله تعالى: ({ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم كفار أهل مكة) وعند الطبري من طريق أخرى عن ابن عباس أنه سأل عمر عن هذه الآية فقال من هم؟ قال هم الأفجران من بني مخزوم وبني أمية أخوالي وأعمامك فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين والمراد كما في الفتح بعض بني أمية وبني مخزوم فإن بني مخزوم لم يستأصلوا يوم بدر بل المراد بعضهم كأبي جهل من بني مخزوم وأبي سفيان من بني أمية وعنده أيضًا من وجه آخر ضعيف عن ابن عباس هم جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم. قال الحافظ ابن كثير والمشهور الصحيح عن ابن عباس هو القول الأول وإن كان المعنى يعم جميع الكفار فإن الله تعالى بعث محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رحمة للعالمين ونعمة للناس.
وهذا الحديث ذكره في غزوة بدر.
[١٥]- سورة الْحِجْرِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ الْحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ. لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَعَمْرُكَ: لَعَيْشُكَ، قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كِتَابٌ مَعْلُومٌ: أَجَلٌ. لَوْ مَا تَأْتِينَا: هَلَاّ تَأْتِينَا. شِيَعٌ: أُمَمٌ. وَلِلأَوْلِيَاءِ أَيْضًا شِيَعٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُهْرَعُونَ: مُسْرِعِينِ. لِلْمُتَوَسِّمِينَ: لِلنَّاظِرِينَ. سُكِّرَتْ: غُشِّيَتْ. بُرُوجًا: مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. لَوَاقِحَ: مَلَاقِحَ مُلْقَحَةً. حَمَإٍ: جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ وَهْوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ. وَالْمَسْنُونُ: الْمَصْبُوبِ. تَوْجَلْ: تَخَفْ. دَابِرَ: آخِرَ. لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ: الإِمَامُ كُلُّ مَا ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيْتَ بِهِ. الصَّيْحَةُ: الْهَلَكَةُ.
[١٥]- سورة الْحِجْرِ
ولأبي ذر عن المستملي تفسير سورة الحجر وهي مكية وآيها تسع وتسعون، وزاد أبو ذر: بسم الله الرحمن الرحيم.
(وقال مجاهد) هو ابن جبر فيما وصله الطبري من طرق عنه في قوله تعالى: هذا ({صراط عليّ مستقيم}) [الحجر: ٤١] معناه (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه) لا يعرّج على شيء. وقال الأخفش: عليّ الدلالة علي الصراط المستقيم، وقال غيرهما أي من مر عليه مرّ علي أي على رضواني وكرامتي وقيل علي بمعنى إليّ وهذا إشارة إلى الإخلاص المفيض من المخلصين وقيل إلى انتفاء تزيينه وإغوائه.
وقوله: وإنهما ({لبإمام مبين}) [الحجر: ٧٩] أي (على الطريق) الواضح والإمام اسم لما يؤتم به. قال الفراء والزجاج: إنما جعل الطريق إمامًا لأنه يؤم ويتبع. قال ابن قتيبة: لأن المسافر يأتم به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده ومبين أي في نفسه أو مبين لغيره لأن الطريق يهدي إلى المقصد وضمير التثنية في وإنهما الأرجح أنه لقريتي قوم لوط وأصحاب الأيكة وهم قوم شعيب لتقدمهما ذكرًا وقوله (لبإمام مبين على الطريق) ثابت لأبي ذر عن المستملي.
(وقال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله ({لعمرك}) معناه (لعيشك) والعمر والعمر بفتح العين وضمها واحد وهما مدة الحياة ولا يستعمل في القسم إلا بالفتح. وفي هذه الآية شرف نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الله تعالى أقسم بحياته ولم يفعل ذلك لبشر سواه على ما نقل عن ابن عباس، أو الخطاب هنا للوط عليه الصلاة والسلام. قالت الملائكة له ذلك، والتقدير لعمرك قسمي والقسم بالعمر في القرآن وأشعار العرب وفصيح كلامها في غير موضع، وهو من الأسماء اللازمة للإضافة فلا يقطع عنها ويضاف لكل شيء، لكن منع بعض أصحاب المعاني فيما ذكره الزهراوي إضافته إلى الله لأنه لا يقال لله تعالى عمر، وإنما هو بقاء أزلي وقد سمع إضافته إلى الله تعالى قال:
إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها
ومنع بعضهم إضافته إلى ياء المتكلم قال لأنه حلف بحياة المقسم وقد ورد ذلك قال النابغة:
لعمري وما عمري عليّ بهين ... لقد نطقت بطلاً عليّ الأقارع