تمرة تمرة وهو يدل للتعدّد فالله أعلم.
٤١ - باب الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: ٢٥]
(باب الرطب والتمر، وقول الله تعالى): خطابًا لمريم عليها السلام حين جاءها المخاض بعيسى ({وهزي إليك}) وحركي إلى نفسك ({بجذع النخلة}) وهو ساقها والباء زائدة كما قاله
أبو علي أي هزي جذع النخلة ({تساقط عليك رطبًا جنيًّا}) [مريم: ٢٥] بلغ الغاية وجاء وقت اجتنائه، ولهذا استحب بعضهم للنساء أكل الرطب وروى أبو بكر بن السني من حديث علي -رضي الله عنه- مرفوعًا: أطعموا نساءكم الولد الرطب.
٥٤٤٢ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالْمَاءِ.
(وقال محمد بن يوسف) الفريابي: (عن سفيان) الثوري (عن منصور ابن صفية) بنت شيبة بن عثمان الشيبي الحجبي أنه قال: (حدّثتني أمي) صفية (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: توفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد شبعنا من الأسودين التمر والماء) وذلك حين فتحت خيبر قبل الوفاة النبوية بثلاث سنين، وإطلاق الأسود على الماء من باب التغليب كإطلاق الشبع موضع الري واستشكل التسوية بين الماء والتمر لأن الماء كان عندهم متيسرًا. وأجيب: بأن الري منه لا يحصل بدون الشبع من الطعام لمضرّة شرب الماء صرفًا من غير أكل.
وهذا الحديث سبق في باب من أكل حتى شبع.
٥٤٤٣ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ، وَكَانَ يُسْلِفُنِي فِي تَمْرِي إِلَى الْجِذادِ، وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الأَرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ فَجَلَسَتْ فَخَلَا عَامًا، فَجَاءَنِي الْيَهُودِيُّ عِنْدَ الْجَذادِ وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ إِلَى قَابِلٍ، فَيَأْبَى فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: «امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ الْيَهُودِيِّ». فَجَاءُونِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَلِّمُ الْيَهُودِيَّ، فَيَقُولُ: أَبَا الْقَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ. فَأَبَى. فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ»؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «افْرُشْ لِي فِيهِ». فَفَرَشْتُهُ فَدَخَلَ فَرَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَامَ فِي الرِّطَابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ، جُذَّ وَاقْضِ». فَوَقَفَ فِي الْجَدَادِ فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ مِنْهُ. فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَشَّرْتُهُ فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ». عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ: "بِنَاءٌ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْرُوشَاتٍ مَا يُعَرَّشُ مِنَ الكُرُومِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، يُقَالُ عُرُوشُهَا أَبْنِيَتُهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَخَلَا لَيْسَ عِنْدِي مُقَيَّدًا، ثُمَّ قَالَ فَجَلَّى لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي مولاهم البصري قال: (حدّثنا أبو غسان) بالغين المعجمة والسين المهملة المشددة محمد بن مطرف
أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) سلمة بن دينار (عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة) المخزومي واسم أبي ربيعة عمرو أو حذيفة لقبه ذو الرمحين من مسلمة الفتح (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما-) أنه (قال: كان بالمدينة يهودي) قال في المقدمة: لم أعرف اسمه، ويحتمل أن يكون هو أبو الشحم (وكان يسلفني) بضم الياء من الإسلاف (في تمري إلى الجذاذ) بكسر الجيم وفتحها وبالذال المعجمة ويجوز إهمالها، والذي في اليونينية بالدال المهملة لا غير أي زمن قطع تمر النخل وهو الصرام (وكانت لجابر) فيه التفات من الحضور إلى الغيبة (الأرض التي بطريق رومة) بضم الراء وسكون الواو بعدها ميم وهي البئر التي اشتراها عثمان -رضي الله عنه- وسبلها وهي في نفس المدينة، ورواية دومة بالدال بدل الراء التي ذكرها الكرماني. قال ابن حجر: باطلة لأن دومة الجندل لم تكن إذ ذاك فتحت حتى يكون لجابر فيها أرض، وأيضًا ففي الحديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مشى إلى أرض جابر وأطعمه من رطبها ونام فيها فلو كانت بطريق دومة الجندل لاحتاج إلى السفر لأن بين دومة الجندل والمدينة عشر مراحل.
وأجاب العيني: بأن المراد كانت لجابر أرض كائنة بالطريق التي يسار منها إلى دومة الجندل وليس المعنى التي بدومة الجندل (فجلست) بالجيم واللام والسين المفتوحات والفوقية الساكنة أي فجلست الأرض أي تأخرت عن الإثمار (فخلا) بالفاء والخاء المعجمة واللام المخففة من الخلوّ أي تأخر السلف (عامًا) ولأبي ذر عن الكشميهني: فخاست بخاء معجمة بعد الفاء وبعد الألف سين مهملة ففوقية ساكنة بدل قوله فجلست أي خالفت معهودها وحملها يقال: خاس عهده إذا خانه أو تغير عن عادته وخاس الشيء إذا تغير، وهذا الذي في الفرع من جلست وفخاست وفخلا. وقال ابن قرقول: في المطالع تبعًا للقاضي عياض في المشارق فجلست نخلًا بالنون كذا للقابسي وأبي ذر وأكثر الرواة وعند أبي الهيثم فجاست نخلة عامًا وللأصيلي فحبست فخلا بالفاء عامًا وصواب ذلك ما رواه أبو الهيثم فجاست نخلها عامًا بالنون قال: وكان أبو مروان بن سراج يصوّب رواية القابسي إلا أنه يصلح ضبطها فجلست بسكون السين وضم التاء على أنها مخاطبة جابر أي تأخرت عن القضاء فخلى بفاء وخاء معجمة ولام مشدّدة من باب التخلية، لكن قال: ذكر الأرض أول الحديث يدل على الخبر عن الأرض لا عن نفسه (فجاءني اليهودي عند الجذاذ) وفي اليونينية بالدال المهملة فقط (ولم أجدّ منها شيئًا فجعلت أستنظره إلى قابل) أي أطلب منه