للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا طلاق إلا بعد نكاح.

(و) عن (عمرو بن هرم) بفتح العين في الأوّل والهاء وكسر الراء والصرف في الثاني الأزدي من أتباع التابعين مما قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على مقالته موصولة إلا في كلام بعض الشرّاح أن أبا عبيد أخرجه من طريقه.

(و) عن (الشعبي) عامر بن شراحيل (إنها لا تطلق) لكن رواه وكيع في مصنفه عن الشعبي قال: إن قال كل امرأة أتزوّجها فهي طالق فليس بشيء فإذا وقت لزمه، وقال الكرماني: ومقصود البخاري من تعداد هذه الجماعة الثلاثة والعشرين من الفقهاء الأفاضل الأشعار بأنه يكاد أن يكون إجماعًا على أنه لا تطلق المرأة قبل النكاح. وقال في الفتح: وقد تجوّز البخاري في نسبه جميع من ذكر عنهم إلى القول بعدم الوقوع مطلقًا مع أن بعضهم يفصل وبعضهم يختلف عليه ولعل ذلك هو النكتة بتصديره النقل عنهم بصيغة التمريض، والمسألة من الخلافيات الشهيرة وللعلماء فيها مذاهب الوقوع مطلقًا وعدم الوقوع مطلقًا، والتفصيل بين ما إذا عمّم أو عين والجمهور وهو قول الشافعي على عدم الوقوع. نعم حكى ابن الرفعة في كفايته عن أمالي أبي الفرج وكتاب الحناطي أن منهم من أثبت وقوع الطلاق، قال: واعلم أن بعض الشارحين للمسألة استدلّ بقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا طلاق قبل النكاح" مقتصرًا على ذلك وهو غير كافٍ لأن من قال بوقوع الطلاق يقول بموجبه فإنه يقول الطلاق إنما يقع بعد النكاح انتهى.

وأبو حنيفة وأصحابه بالوقوع مطلقًا لأن التعليق بالشرط يمين فلا تتوقف صحته على وجود ملك المحل كاليمين بالله تعالى وهذا لأن اليمين تصرف من الحالف في ذمة نفسه لأنه يوجب البرّ على نفسه والمحلوف به ليس بطلاق لأنه لا يكون طلاقًا إلا بعد الوصول إلى المحل وعند ذلك الملك واجب، وقال بالتفصيل جمهور المالكية فإن سمى امرأة أو طائفة أو قبيلة أو مكانًا أو زمانًا يمكن أن يعيش إليه لزمه واحترزوا بذلك عما لو قال: إلى مائتي سنة لا يلزمه شيء. وقال الشيخ خليل في توضيحه: ولو قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق، فلا شيء عليه لعدم عصمتها، ولو قال إن تزوّجتك فأنت طالق فالمشهور اعتباره. وروى ابن وهب عن مالك أنه لا يلزمه قال في الاستذكار وروي على نحو هذا القول أحاديث إلا أنها عند أهل الحديث معلولة ومنهم من

يصحّح بعضها وأحسنها ما خرّج قاسم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا طلاق إلا بعد نكاح" ولأبي داود: لا طلاق إلا فيما يملك.

قال البخاري: وهو أصح شيء في الطلاق قبل النكاح. وأجيب عنها: بأنّا نقول بموجبها لأن الذي دلّ عليه الحديث إنما هو انتفاء وقوع الطلاق قبل النكاح ونحن نقول به ومحل النزاع إنما هو التزام الطلاق.

١٠ - باب إِذَا قَالَ: لاِمْرَأَتِهِ وَهْوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»

هذا (باب) بالتنوين (إذا قال لامرأته وهو) أي والحال أنه (مكره هذه أختي فلا شيء عليه) من طلاق ولا ظهار (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال إبراهيم) الخليل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لسارة) زوجته أم إسحاق لما طلبها ذلك الجبار وخاف أن يقتله (هذه أختي وذلك في ذات الله عز وجل) وكان من شأنهم أن لا يقربوا الخلية إلا بخطبة ورضا بخلاف المتزوّجة فكانوا يغتصبونها من زوجها إذا أحبوا ذلك.

١١ - باب الطَّلَاقِ فِي الإِغْلَاقِ وَالْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»

وَتَلَا الشَّعْبِيُّ {لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وَمَا لَا يَجُوزُ مَنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ: «أَبِكَ جُنُونٌ»؟ وَقَالَ عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ فَطَفِقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ. ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَاّ عَبِيدٌ لأَبِي؟ فَعَرَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. وَقَالَ عُثْمَانُ لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا بَدَا بِالطَّلَاقِ فَلَهُ شَرْطُهُ. وَقَالَ نَافِعٌ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ: يُسْأَلُ عَمَّا قَالَ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلْكَ الْيَمِينِ، فَإِنْ سَمَّى أَجَلًا وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ جُعِلَ ذَلِكَ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنْ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ نِيَّتُهُ. وَطَلَاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا قَالَ: إِذَا حَمَلْتِ

فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا قَالَ الْحَقِي بِأَهْلِكِ نِيَّتُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الطَّلَاقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالْعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ قَالَ مَا أَنْتِ بِامْرَأَتِي نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهْوَ مَا نَوَى وَقَالَ عَلِيٌّ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. وَقَالَ عَلِيٌّ: وَكُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إِلَاّ طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ.

(باب) بيان حكم (الطلاق في الإغلاق) بكسر الهمزة وسكون الغين المعجمة آخره قاف وهو الإكراه وسمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق، وقيل العمل في الغضب وتمسك بهذا التفسير بعض متأخري الحنابلة القائلين، بأن الطلاق في الغضب لا يقع ولم يوجد عن أحد من متقدّميهم لكن ردّ هذا التفسير المطرزي والفارسي بأن طلاق الناس غالبًا إنما هو في حال الغضب ولو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول كنت غضبان فلا يقع عليّ طلاق (و) حكم (المكره) بضم الميم وفتح الراء وفي اليونينية والكره بغير ميم وضم الكاف وسكون الراء (و) حكم (السكران و) حكم (المجنون وأمرهما) هل هو واحد أو مختلف (و) حكم

<<  <  ج: ص:  >  >>