للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهل تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يفعلها في صحته وشغل عنها بمرضه. قال النووي: الظاهر لا لأن ظاهر الحديث أنها لا تثاب لأنه ينوي أنه يفعل لو كان سالمًا مع أهليته وهي ليست بأهل ولا يمكن أن تنوي لأنها حرام عليها.

ورواة هذا الحديت الخمسة كلهم مدنيون إلا ابن أبي مريم فمصري، وفيه التحديث بصيغة الجمع والإخبار والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وأخرجه المؤلف في الطهارة والصوم والزكاة مقطعًا وفي العيدين بطوله ومسلم في الإيمان والنسائي في الصلاة وابن ماجة.

٧ - باب تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَاّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا. وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الْحُيَّضُ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآيَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ: حَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَا تُصَلِّي. وَقَالَ الْحَكَمُ: إِنِّي لأَذْبَحُ وَأَنَا جُنُبٌ.

وَقَالَ اللَّهُ تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}.

هذا (باب) بالتنوين (تقضي) أي تؤدّي (الحائض) المتلبسة بالإحرام (المناسك كلها) المتعلقة بالحج أو العمرة كالتلبية (إلا الطواف بالبيت) لكونه صلاة مخصوصة. (وقال إبراهيم) النخعي مما وصله الدارمي: (لا بأس) لا حرج (أن تقرأ) الحائض (الآية) من القرآن، وروي نحوه عن مالك والجواز مطلقًا والتخصيص بالحائض دون الجنب، ومذهبنا كالحنفية والحنابلة التحريم ولو بعض آية لحديث الترمذي: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن وهو حجة على المالكية في قولهم: إنها تقرأ القرآن ولا يقرأ الجنب وعلل بطول أمد الحيض المستلزم نسيان القرآن بخلاف الجنب وهو بإطلاقه يتناول الآية فما دونها، فيكون حجة على النخعي وعلى الطحاوي في إباحته بعض الآية لكن الحديث ضعيف من جميع طرقه. نعم يحل له قراءة الفاتحة في الصلاة إذا فقد الطهورين، بل يجب كما صححه النووي لأنه نادر، وصحح الرافعي حرمتها لعجزه عنها شرعًا وكذا تحل أذكاره لا بقصده قرآن كقوله عند الركوب: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: ١٣] فإن قصد القرآن وحده أو مع الذكر حرم وإن أطلق فلا كما اقتضاه كلام المنهاج خلافًا لا في المحرر. وقال في شرح المهذب: أشار العراقيون إلى التحريم (ولم ير ابن عباس) رضي الله عنهما

(بالقراءة للجنب بأسًا) روى ابن المنذر بإسناده عنه أنه كان يقرأ ورده من القرآن وهو جنب فقيل له في ذلك فقال ما في جوفي أكثر منه. (وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يذكر الله) بالقرآن وغيره (على كل أحيانه) أي زمانه فدخل فيه حين الجنابة، وبه قال الطبري وابن المنذر وداود وهذا التعليق وصله مسلم من حديث عائشة.

(قالت أم عطية) مما وصله المؤلف في العيدين بلفظ: (كنّا نؤمر أن يخرج) بفتح المثناة التحتية يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها وحتى يخرج (الحيض) بالرفع على الفاعلية، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر أن نخرج بنون مضمومة وكسر الراء الحيض بالنصب على المفعولية فيكنّ خلف الناس، (فيكبرن بتكبيرهم ويدعون) بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته، وللكشميهني يدعين بمثناة تحتية بدل الواو: وردّها العيني مخالفتها لقواعد التصريف لأن هذه الصيغة معتلة اللام من ذوات الواو يستوي في لفظ جماعة الذكور والإناث في الخطاب والغيبة جميعًا، وفي التقدير يختلف فوزن الجمع المذكر يفعلون والمؤنث يفعلن.

(وقال ابن عباس) رضي الله عنهما مما وصله المؤلف في بدء الوحي (أخبرني) بالإفراد (أبو سفيان) بن حرب (أن هرقل دعا بكتاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم ويا أهل الكتاب) بزيادة الواو للقابسي والنسفيّ وعبدوس وسقطت لأبي ذر والأصيلي {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآية [آل عمران: ٦٤] استدل به على جواز القراءة للجنب لأن الكفار جنب، وإنما كتب لهم ليقرؤوه وذلك يستلزم جواز القراءة بالنص لا بالاستنباط. وأجيب: بأن الكتاب اشتمل على غير الآيتين فهو كما لو ذكر بعض القرآن في التفسير، فإنه لا يمنع قراءته ولا مسّه عند الجمهور لأنه لا يقصد منه التلاوة.

(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح (عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري مما وصله المؤلف في باب قوله عليه السلام: لو استقبلت من أمري ما استدبرت من كتاب الأحكام أنه قال: (حاضت عائشة) رضي الله عنها (فنسكت) بفتح النون أي أقامت (المناسك) المتعلقة بالحج (كلها غير الطواف بالبيت ولا تصلي) ولفظة كلها ثابتة عند الأصيلي دون غيرة كما في الفرع.

(وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>