(فاستقها) فعل أمر من الاستياق، وفي رواية ابن أبي عمر قال فاستقها إذا أي إن كان الأمر كما تقول فارتجعها (قال: فلما ذهب) نواس (يستاقها) ليرتجعها واستدرك ابن عمر (فقال) ولأبي الوقت: قال (دعها) أي اتركها (رضينا بقضاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بحكمه (لا عدوى).
قال الخطابي: المعنى رضيت بقضاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأرضى بالبيع مع ما اشتمل عليه من التدليس والعيب فلا أعدي عليكما حاكمًا ولا أرفعكما إليه، وقال غيره: هو اسم من الأعداء يقال أعداه الداء يعديه إعداء وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء وذلك بأن يكون ببعير جرب مثلاً فتتقى مخالطته بإبل أخرى حذرًا أن يتعدّى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه.
وقال أبو علي الهجري في النوادر: الهيام داء يعرض للإبل ومن علامة حدوثه إقبال البعير على الشمس حيث دارت واستمراره على أكله وشربه وبدنه ينقص كالدائب فإذا أراد صاحبه استبانة أمره استباله فإن وجد ريحه مثل ريح الخمرة فهو أهيم فمن شم بوله أو بعره أصابه الهيام اهـ.
وبهذا يتضح عطف المؤلّف الأجرب على الهيم لاشتراكهما في دعوى العدوى، ومما يقويه أن الحديث على هذا التأويل يصير في حكم المرفوع ويكون قول ابن عمر لا عدوى تفسيرًا للقضاء الذي تضمنه قوله رضينا بقضاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي رضيت بحكمه حيث حكم أن لا عدوى ولا طيرة، وعلى التأويل الأوّل يصير موقوفًا من كلام ابن عمر -رضي الله عنهما-.
قال علي بن المديني شيخ المؤلّف: (سمع سفيان) بن عيينة (عمرًا) أي ابن دينار وسقط قوله سمع سفيان عمرًا لابن عساكر.
٣٧ - باب بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الْفِتْنَةِ
(باب بيع السلاح في) أيام (الفتنة) وهي ما يقع بين المسلمين من الحروب هل هو مكروه أم لا؟ نعم يكره عند اشتباه الحال لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان، وذلك مكروه منهي عنه أما إذا تحقق الباغي فالبيع لمن كان على الحق لا بأس به (وغيرها) أي وغير أيام الفتنة لا يمنع منه. (وكره عمران بن حصين) فيما وصله ابن عدي في كامله من طريق أبي الأشهب عن أبي رجاء عن عمران، ورواه الطبراني في الكبير من وجه آخر عن أبي رجاء عن عمران مرفوعًا وإسناده ضعيف (بيعه) أي السلاح (في الفتنة) لمن يقتل به ظلمًا كبيع العنب لمن يتخذه خمرًا والشبكة لمن يصطاد بها في الحرم والخشب لمن يتخذ منه الملاهي وبيع المماليك المرد لمن يعرف بالفجور فيهم، وهذا كله حرام عند التحقق أو الظن أما عند التوهم فمكروه والعقد في كلها صحيح لأن النهي عنه لأمر خارج عنه.
٢١٠٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ حُنَيْنٍ فَأَعْطَاهُ -يَعْنِي دِرْعًا- فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلَامِ". [الحديث ٢١٠٠ - أطرافه في: ٣١٤٢، ٤٣٢١، ٤٣٢٢، ٧١٧٠].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) إمام دار الهجرة (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن ابن أفلح) هو مولى أبي أيوب الأنصاري ونسبه لجدّه لشهرته به وصرح أبو ذر باسمه فقال عن عمر بن كثير بالمثلثة (عن أبي محمد) نافع بن عياش بالمثناة التحتية والمعجمة الأقرع
(مولى أبي قتادة عن أبي قتادة) الحرث بن ربعي الأنصاري (-رضي الله عنه-) أنه (قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام حنين) وادٍ بين مكة والطائف وراء عرفات وكان ذلك في السنة الثامنة من الهجرة (فأعطاه) عليه الصلاة والسلام (يعني درعًا) كان السياق يقتضي أن يقول فأعطاني لكنه من باب الالتفات، وأسقط المصنف بين قوله حنين وقوله فأعطاه ما ثبت عنده في غزوة حنين من المغازي لما قصده من بيان جواز بيع الدرع فذكر ما يحتاج إليه من الحديث وحذف ما بينهما على عادته، ولفظه: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام حنين فلما التقينا كان للمسلمين جولة فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع وأقبل عليّ فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر -رضي الله عنه- فقلت: ما بال الناس؟ قال أمر الله عز وجل ثم رجعوا وجلس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال:
"من قتل قتيلاً له عليه بيّنة فله سلبه". فقلت: من يشهد لي فجلست. "قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مثله" فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست. قال: "ثم قال النبي- مثله" فقمت فقال: "ما لك