الثمن قالت عائشة: (فأعتقتها فدعاها النبي ﷺ) أي دعا بريرة (فخبّرها من زوجها) مغيث لأنه كان عبدًا على الأصح (فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما ثبت عنده فاختارت نفسها). ومراد المؤلّف من هذا الحديث كما قاله في فتح الباري: أصله فإنما الولاء لمن أعتق وهو وإن كان لم يسقه هنا بهذا اللفظ فكأنه أشار إليه كعادته، ووجه الدلالة منه حصره في المعتق فلا يكون لغيره معه منه شيء.
١١ - باب إِذَا أُسِرَ أَخُو الرَّجُلِ أَوْ عَمُّهُ هَلْ يُفَادَى إِذَا كَانَ مُشْرِكًا؟
وَقَالَ أَنَسٌ: "قَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلاً".
وَكَانَ عَلِيٌّ لَهُ نَصِيبٌ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي أَصَابَ مِنْ أَخِيهِ عَقِيلٍ وَعَمِّهِ عَبَّاسٍ.
هذا (باب) بالتنوين (إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى) بضم الياء وفتح الدال المهملة بأن يعطي مالاً ويستنقذه من الأسر (إذا كان) أخوه أو عمه (مشركًا. وقال أنس) ﵁ في حديث سبق موصولاً في كتاب الصلاة. (قال العباس) ﵁ (للنبي ﷺ: فاديت نفسي وفاديت عقيلاً) بفتح العين وكسر القاف ابن أبي طالب، وكان العباس قد أسر في وقعة بدر فأفدى نفسه بمائة أوقية من ذهب قاله ابن إسحاق. وقال ابن كثير في تفسيره: وهذه المائة عن نفسه وعن ابني أخيه عقيل ونوفل.
قال البخاري: (وكان عليّ) هو ابن أبي طالب (له نصيب في تلك الغنيمة التي أصاب من أخيه عقيل وعمه عباس) فلو كان الأخ ونحوه من ذوي الرحم يعتق بمجرد الملك لعتق العباس وعقيل في
حصته من الغنيمة وكذلك في نصيبه ﷺ وهو حجة على أبي حنيفة ﵀ في أن من ملك ذا رحم محرم عتق عليه.
وأجيب: بأن الكافر لا يملك بالغنيمة ابتداء بل يتخير الإمام فيه بين القتل والاسترقاق والفداء والمنّ فالغنيمة سبب في الملك بشرط اختيار الإرقاق فلا يلزم العتق بمجرد الغنيمة.
٢٥٣٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ ﵁: "أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَالَ: لَا تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا".
[الحديث ٢٥٣٧ - طرفاه في: ٣٠٤٨، ٤٠١٨].
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس ابن أخت الإمام مالك بن أنس احتج به الشيخان ولم يخرج له البخاري مما ينفرد به سوى حديثين وروى له الباقون إلا النسائي فإنه أطلق القول بضعفه لأنه أخطأ في أحاديث رواها من حفظه، لكن الذي أخرجه له البخاري من صحيح حديثه فلا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ذلك وقدح فيه النسائي وغيره إلا أن يشاركه غيره فيعتبر به قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة) بضم العين وسكون القاف وثقه النسائي ويحيى بن معين وأبو حاتم وتكلم فيه الساجي بكلام لا يستلزم قدحًا، وقد احتج به البخاري والنسائي لكن لم يكثرا عنه (عن موسى) ولأبي ذر زيادة ابن عقبة الإمام في المغازي (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (أنس ﵁ أن رجالاً من الأنصار) لم يعرف الحافظ ابن حجر أسماءهم (استأذنوا رسول الله ﷺ فقالوا ائذن) زاد أبو ذر لنا (فلنترك لابن أختنا) بالمثناة الفوقية (عباس) هو ابن عبد المطلب وليسوا بأخواله إنما هم أخوال أبيه عبد المطلب لأن أمه سلمى بنت عمرو بن أحيحة بمهملتين مصغرًا وهي من بني النجار، وأما أم عباس فهي نتيلة بالنون والمثناة الفوقية مصغرًا بنت جناب بالجيم والنون وبعد الألف موحدة وليست من الأنصار اتفاقًا، وإنما قالوا ابن أختنا لتكون المنّة عليهم في إطلاقه بخلاف ما لو قالوا ائذن لنا فلنترك لعمك (فداءه) أي المال الذي يستقذ به نفسه من الأسر (فقال) ﵊:
(لا تدعون منه) أي لا تتركون من فدائه (درهمًا) وإنما لم يجبهم ﵊ إلى ذلك لئلا يكون في الدين نوع محاباة وكان العباس ذا مال فاستوفيت منه الفدية وصرفت إلى الغانمين، وأراد المؤلّف بإيراده هنا الإشارة إلى أنّ العم وابن العم لا يعتقان على من ملكهما من ذوي رحمهما لأن النبي ﷺ قد ملك من عمه العباس ومن ابن عمه عقيل بالغنيمة التي له فيها نصيب، وكذلك علي ﵁ قد ملك من أخيه عقيل وعمه العباس ولم يعتقا عليه وهو حجة على الحنفية كما سبق، والحديث الذي تمسكوا به في ذلك المروي عند أصحاب السنن من طريق الحسن عن سمرة استنكره ابن المديني ورجح إرساله. وقال البخاري: لا يصح، وقال أبو داود: تفرّد به