بين الأمة والحرّة (فطلبوا) أي قوم الربيع (إليها العفو) عن الربيع (فأبوا) أي قوم الجارية (فعرضوا) يعني قوم الربيع (الأرش فأبوا) إلا القصاص (فأتوا رسول الله ﷺ) ليقضي بينهم بحكم الله (وأبوا) أي امتنعوا من أخذ الأرش والعفو (إلا القصاص فأمر رسول الله ﷺ بالقصاص) يحتمل أن يكون المراد بالكسر القلع أو كسرًا يمكن المماثلة فيه ليتصور القصاص المأمور به، وإلاّ فلا قصاص في كسر عظم غير منضبط (فقال أنس بن النضر): بفتح النون وسكون الضاد المعجمة عم أنس بن مالك (يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها) ردًّا لحكم الشرع بل نفي لوقوعه توقعًا ورجاء من فضل الله تعالى أن يرضي خصمها ويلقي في قلبه العفو عنها (فقال رسول الله ﷺ):
(يا أنس كتاب الله) أي حكم كتاب الله (القصاص) وسقط قوله فقال رسول الله ﷺ إلى آخره من الفرع (فرضي القوم فعفوا) عن الربيع (فقال رسول الله ﷺ: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه) أي جعله بارًّا في قسمه وفعل ما أراده.
٢٤ - باب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
(باب) ذكر قوله تعالى: (﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام﴾) مصدر صام يصوم صيامًا الأصل صوامًا فأبدلت الواو ياء، والصوم لغة الإمساك وشرعًا الإمساك عن المفطرات الثلاث الأكل والشرب والجماع نهارًا مع النية (﴿كما كتب على الذين عن قبلكم﴾) قيل موضعه نصب نعت مصدر محذوف أي كتب كتبًا وقيل كاف كما في موضع نصب على النعت تقديره كتابًا كما أو صومًا كما أو علي الحال كان الكلام كتب عليكم الصيام مشبهًا ما كتب على الذين من قبلكم، والمعنى كما قيل صومكم كصومهم في عدد الأيام كما روي أن رمضان كتب على النصارى فوقع في برد أو حر شديد فحوّلوه إلى الربيع وزادوا عليه عشرين يومًا كفارة لتحويله فالتشبيه حقيقة. وروى ابن أبي حاتم من حديث ابن عمر مرفوعًا بإسناد فيه مجهول صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم، أو المراد مطلق الصيام دون وقته وقدره، فالتشبيه واقع على نفس الصوم فقط وكان الصوم على آدم ﵊ أيام البيض وعلى قوم موسى عاشوراء فالتشبيه لا يقتضي التسوية من كل وجه (﴿لعلكم تتقون﴾) [البقرة: ١٨٣] لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان.
٤٥٠١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: كَانَ عَاشُورَاءُ يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر ﵄) أنه (قال: كان عاشوراء يصومه أهل الجاهلية) قريش ولعلهم اقتدوا في ذلك بشرع سبق (فلما نزل رمضان) أي صوم رمضان في شعبان في السنة الثانية من الهجرة (قال) ﵊: (من شاء صامه ومن شاء لم يصمه).
٤٥٠٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة رضي الله تعالى
عنها) أنها (قالت: كان عاشوراء يصام قبل رمضان فلما نزل رمضان) أي فرض صومه زاد هنا لغير أبي ذر لفظة قال: (من شاء صام) أي عاشوراء (ومن شاء أفطر).
٤٥٠٣ - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ: الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ فَقَالَ: كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَادْنُ فَكُلْ.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمود) هو ابن غيلان قال: (أخبرنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن موسى بن باذام الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه (قال: دخل عليه الأشعث) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وبعد العين المهملة المفتحة مثلثة ابن قيس الكندي، وكان ممن أسلم ثم ارتدّ بعد النبي ﷺ، ثم رجع إلى الإسلام في خلافة الصديق رضي الله تعالى عنه (وهو يطعم) بفتح أوّله وثالثه أي والحال أن عبد الله كان يأكل