للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و: ذكر الحوض، ومسلم في: فضائل النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبو داود في: الجنائز وكذا النسائي.

٧٤ - باب دَفْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ

(باب) جواز (دفن الرجلين والثلاثة) فأكثر (في قبر) ولأبي ذر، زيادة: واحد، أي عند الضرورة بأن كثر الموتى، وعسر إفراد كل ميت بقبر واحد.

١٣٤٥ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ".

وبالسند قال: (حدّثنا سعيد بن سليمان) الملقب بسعدويه البزار، قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام، قال: (حدّثنا ابن شهاب) الزهري (عن عبد الرحمن بن كعب) بن مالك (أن جابر بن عبد الله) الأنصاري (رضي الله عنهما أخبره):

(أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد) في ثوب واحد، وهو مستلزم للجمع في القبر، فهو دال على الترجمة، لكن ليس فيه لفظ الثلاثة. نعم، في حديث هشام بن عامر الأنصاري، عند أصحاب السنن، مما ليس على شرط المؤلّف جاءت الأنصار إلى رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يوم أحد، فقالوا: أصابنا جهد. قال: احفروا، ووسعوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر. فلعل المصنف أشار إلى ذلك. وفي هذا الحديث التصريح بأن ذلك إنما فعل للضرورة، وحينئذ فالمستحب في حال الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر واحد، فلو جمع اثنان في قبر، واتحد الجنس: كرجلين وامرأتين، كره عند الماوردي، وحرم عند السرخسي، ونقله عنه النووي في شرح المهذّب مقتصرًا عليه، قال السبكي: لكن الأصح الكراهة، أو نفي الاستحباب، أما التحريم فلا دليل عليه. اهـ.

وأما إذا لم يتحد الجنس: كرجل وامرأة، فإن دعت ضرورة شديدة لذلك جاز، وإلا فيحرم، كما في الحياة. ومحل ذلك إذا لم يكن بينهما محرمية، أو زوجية، وإلاّ فيجوز الجمع صرح به ابن الصباغ، وغيره، كما قاله ابن يونس، ويحجز بين الميتين مطلقًا بتراب، ندبًا، والقياس أن الصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة كالمحرم، بل وأن الخنثى مع الخنثى، أو غيره كالأنثى مع الذكر مطلقًا.

وقال أبو حنيفة ومالك: لا بأس أن يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد.

٧٥ - باب مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ

(باب من لم ير غسل الشهداء) ولو كان الشهيد جنبًا، أو حائضًا أو نفساء.

١٣٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ، يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ".

وبالسند قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي، قال: (حدّثنا ليث) بلام واحد، هو: ابن سعد الفهمي الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبد الرحمن بن كعب) ولأبي ذر، زيادة: ابن مالك، (عن جابر) هو: ابن عبد الله، رضي الله عنه، (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(ادفنوهم) بكسر الفاء والهمزة همزة وصل في اليونينية، أي: المستشهدين (في دمائهم يعني يوم أحد، ولم يغسلهم) إبقاء لأثر الشهادة عليهم، وقوله: يغسلهم، بضم أوّله وفتح ثانيه وتشديد ثالثه، ولأبي ذر: ولم يغسلهم بفتح أوّله وسكون ثانيه وتخفيف ثالثه، واستدلّ بعمومه على أن الشهيد لا يغسل، حتى ولا الجنب، والحائض، وهو الأصح عند الشافعية.

وفي حديث أحمد عن جابر أيضًا أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال في قتلى أحد: "لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كلم أو دم يفوح مسكًا يوم القيامة" ولم يصل عليهم. فبين الحكمة في ذلك.

وفي حديث ابن حبان والحاكم، في صحيحهما: أن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد وهو جنب، ولم يغسله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقال: رأيت الملائكة تغسله. فلو كان واجبًا لم يسقط إلا بفعلنا، ولأنه طهر عن حدث فسقط بالشهادة كغسل الميت فيحرم.

وقال الحسن البصري وسعيد بن المسيب، فيما رواه ابن أبي شيبة: يغسل الشهيد.

٧٦ - باب مَنْ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ

وَسُمِّيَ اللَّحْدَ لأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ. {مُلْتَحَدًا}: مَعْدِلاً. وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا.

(باب من يقدم) من الموتى (في اللحد) وهو بفتح اللام وضمها، يقال: لحدت الميت وألحدت له، وأصله: الميل لأحد الجانبين.

قال المؤلّف: (وسمي: اللحد لأنه) شق بعمل (في ناحية) من القبر مائلاً عن استوائه، بقدر ما يوضع فيه الميت في جهة القبلة (وكل جائر ملحد) لأنه مال وعدل ومارى وجادل.

وسقط: وكل جائر ملحد، لأبي ذر، وقال المؤلّف أيضًا في قوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الكهف: ٢٧] أي: (معدلاً) قاله أبو عبيدة في كتاب: المجاز، أي: ملتجأ تعدل إليه إن هممت به.

(ولو كان) القبر أو الشق (مستقيمًا) غير مائل إلى ناحية (كان) وللحموي والمستملي: لكان (ضريحًا) بالضاد المعجمة، لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>