حكمه حكم المنطوق وهذا يسميه أهل الأصول دليل الخطاب قاله صاحب عمدة القاري ودلالة الحديث على القبض المذكور في الترجمة عن أبي ذر من حيث أن قبض المشتري للنخل صحيح، وإن كان ثمر البائع عليه ومعناه أن للبائع أن يقبض ثمر النخل إذا كان مؤبرًا.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الشروط وكذا مسلم وأبو داود وأخرجه النسائي في الشروط وابن ماجة في التجارات.
٩١ - باب بَيْعِ الزَّرْعِ بِالطَّعَامِ كَيْلاً
(باب) حكم (بيع الزرع بالطعام كيلاً) نصب على التمييز أي من حيث الكيل.
٢٢٠٥ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلاً بِتَمْرٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً، أَوْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ. وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ".
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن نافع عن ابن عمر ﵄) أنه (قال نهى رسول الله ﷺ عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه) بالمثلثة وفتح الميم رطب بستانه (إن كان) الحائط (نخلاً بتمر) بالمثناة يابس (كيلاً) وقوله: أن يبيع بدل من المزابنة والشروط تفصيل له (وإن كان) البستان (كرمًا) أي عنبًا نهى (أن يبيعه بزبيب كيلاً أو كان) ولأبي ذر أو إن كان (زرعًا) كحنطة نهى (أن يبيعه بكيل طعام) بالخفض على الإضافة لأنه بيع مجهول بمعلوم
وفي نسخة بكيل طعامًا بالنصب وهذا يسمى بالمحاقلة وأطلق عليه المزابنة تغليبًا أو تشبيهًا (ونهى عن ذلك) المذكور (كله) وموضع الترجمة من الحديث قوله: أو كان زرعًا الخ … وأما بيع رطب ذلك بيابسه بعد القطع وإمكان المماثلة فالجمهور لا يجيزون بيع شيء من ذلك بجنسه لا متفاضلاً ولا متماثلاً خلافًا لأبي حنيفة ﵀.
وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي في البيوع وابن ماجة في التجارات.
٩٢ - باب بَيْعِ النَّخْلِ بِأَصْلِهِ
(باب) حكم (بيع) ثمر (النخل بأصله) أي بأصل النخل.
٢٢٠٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَيُّمَا امْرِئٍ أَبَّرَ نَخْلاً ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا فَلِلَّذِي أَبَّرَ ثَمَرُ النَّخْلِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي أبو رجاء البغلاني بفتح الموحدة وسكون المعجمة قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن نافع عن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال):
(أيما امرئ) بكسر الراء (أبر نخلاً) بتشديد الموحدة في الفرع وفي غيره آبر بتخفيفها أي شقق طلعه وكذا لو تشقق بنفسه (ثم باع أصلها) أي أصل النخل وليس المراد أرضها فالإضافة بيانية والنخل قد يؤنث قال تعالى: ﴿والنخل باسقات﴾ [ق: ١٠] فلذلك أنّث الضمير (فللذي أبر) وهو البائع (ثمر النخل) فلا يدخل في البيع بل هو مستمر على ملك البائع (إلا أن يشترطه) أي الثمر (المبتاع) المشتري لنفسه ولأبي ذر إلا أن يشترط بإسقاط الضمير وموضع الترجمة قوله: ثم باع أصلها.
وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة.
٩٣ - باب بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ
(باب) حكم (بيع المخاضرة) بالخاء والضاد المعجمتين بينهما ألف مفاعلة من الخضرة لأنهما تبايعا شيئًا أخضر وهو بيع الثمار والحبوب خضراء لم يبد صلاحها.
٢٢٠٧ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَاضَرَةِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَالْمُزَابَنَةِ".
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن وهب) بفتح الواو العلاف الواسطي قال: (حدّثنا عمر بن يونس) بن القاسم الحنفي اليماني قال: (حدّثني) بالإفراد (أبي) يونس (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا، ولأبى ذر: حدّثنا (إسحاق بن أبي طلحة) هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة واسمه زيد بن سهل (الأنصاري عن أنس بن مالك ﵁ أنه قال: نهى رسول الله ﷺ عن المحاقلة) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وبعد الألف قاف من الحقل جمع حقلة وهي الساحة الطيبة التي لا بناء فيها ولا شجر وهي بيع الحنطة في سنبلها بكيل معلوم من الحنطة الخالصة والمعنى فيه عدم العلم بالمماثلة وأن المقصود من المبيع مستور بما ليس من صلاحه (و) نهى ﵊ أيضًا عن (المخاضرة) بالخاء والضاد المعجمتين فلا يجوز بيع زرع لم يشتد حبه ولا بيع بقول وإن كانت تجذّ مرارًا إلا بشرط القطع أو القلع أو مع الأرض كالثمر مع الشجر، فإن اشتد حب الزرع لم يشترط القطع ولا القلع كالثمر بعد بدوّ صلاحه. قال الزركشي: وقياس ما مرّ من الاكتفاء في التأبير بطلع واحد وفي بدوّ الصلاح بحبة واحدة الاكتفاء هنا باشتداد سنبلة واحدة وكل ذلك مشكل انتهى. وكذا لا يصح بيع الجزر والفجل والثوم والبصل في الأرض لاستتار مقصودها ويجوز بيع ورقها الظاهر بشرط