صب (هله القلاب يا أنس) بكسر القاف أي الجرار التي لا يقل أحدها إلا القوي من الرجال (قال) أي أنس: (فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل). ففيه قبول خبر الواحد.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأشربة.
٤٦١٨ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعًا شُهَدَاءَ وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا.
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي قال: (أخبرنا ابن عيينة) سفيان (عن عمرو) هو ابن دينار (عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أنه (قال: صبح أناس) بفتح الصاد وتشديد الموحدة (غداة أُحد) سنة ثلاث (الخمر) وفي الجهاد من طريق علي بن عبد الله المديني اصطبح ناس الخمر يوم أُحد أي شربوه صبوحًا أي بالغداة (فقتلوا من يومهم جميعًا شهداء) وعند الإسماعيلي من طريق القواريري عن سفيان اصطبح قوم الخمر أول النهار
وقتلوا آخر النهار شهداء (وذلك قبل تحريمها) وزاد البزار في مسنده فقالت اليهود: قد مات بعض الدين قتلوا وهي في بطونهم فأنزل الله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} [المائدة: ٩٣] وفي سياق هذا الحديث غرابة وفي مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص قال: صنع رجل من الأنصار طعامًا فدعانا فشربنا الخمر قبل أن تحرّم حتى سكرنا فتفاخرنا الحديث، وفيه فنزلت {إنما الخمر والميسر} إلى قوله: {فهل أنتم منتهون}.
وحديث الباب أخرجه البخاري أيضًا في الجهاد والمغازي.
٤٦١٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ -رضي الله عنه- عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهْيَ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. [الحديث ٤٦١٩ - أطرافه في: ٥٥٨١، ٥٥٨٨، ٥٥٨٩، ٧٣٣٧].
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (الحنظلي) قال: (أخبرنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (وابن إدريس) عبد الله الأودي الكوفي كلاهما (عن أبي حيان) بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية يحيى بن يزيد التيمي (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- أنه (قال: سمعت عمر -رضي الله عنه- على منبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير) وفي هذا بيان حصول الخمر مما ذكر وليس للحصر لخلوّ التركيب عن أداته، ولتعقيبه بقوله (والخمر ما خامر العقل) أي ستره وغطاه كالخمار سواء كان مما ذكر أو من غيره كأنواع الحبوب والنبات كالأفيون والحشيش، ولا تعارض بين قول ابن عمر أوّلًا نزل تحريم الخمر وأن بالمدينة يومئذٍ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب، وبين قول عمر نزل تحريم الخمر وهي من خمسة الخ لأن الأوّل أفاد أن التحريم نزل في حالة لم يكن شراب العنب فيها بالمدينة، والقول الثاني وهو قول عمر لا يقتضي أن شراب العنب كان بالمدينة إذ ذاك بوجه وحيئنذٍ فلا تعارض كما لا يخفى.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الاعتصام والأشربة، ومسلم في آخر الكتاب، وأبو داود في
الأشربة وكذا الترمذي والنسائي فيه وفي الوليمة.
١١ - باب {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} -إِلَى قَوْلِهِ- {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
هذا (باب) بالتنوين في قوله عز وجل: ({ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح}) إثم ({فيما طعموا}) تقول طعمت الطعام والشراب ومن الشراب والمراد ما لم يحرم عليهم لقوله
إذا ما اتقوا أي اتقوا المحرم (إلى قوله: {والله يحب المحسنين}) وسقط لأبي ذر قوله إلى قوله الخ وقال بعد طعموا الآية وسقط لغيره لفظ باب.
٤٦٢٠ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتِ الْفَضِيخُ. وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ: فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ: هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا، قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣].
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي عارم قال: (حدّثنا حماد بن زيد) اسم جدّه درهم الجهضمي قال: (حدّثنا ثابت) هو ابن أسلم البناني (عن أنس -رضي الله عنه- أن الخمر التي أهريقت) بضم الهمزة وسكون الهاء آخره تاء تأنيث ولأبي ذر هريقت بضم الهاء من غير همزة (الفضيخ) بالضاد والخاء المعجمتين مرفوع خبر أن وهو المتخذ من البسر كما مرّ قريبًا.
قال البخاري: (وزادني محمد) هو ابن سلام لا ابن يحيى الذهلي ووهم من قال إنه هو ويؤيده ما في رواية أبي ذر حيث قال، محمد البيكندي: وقد تبين بهذا أن قول صاحب المصابيح تبعًا لما في التنقيح أن القائل زادني هو الفربري ومحمد هو البخاري سهو وظهر أن البخاري سمع هذا الحديث من أبي النعمان مختصرًا ومن محمد بن سلام البيكندي مطوّلًا (عن أبي النعمان قال): أي أنس