كشوكته ووجاهته لحديث: من تواضع لغني لغناه ذهب ثلثا دينه. وقد أورد البخاري هذا الحديث من طريقين الأولى بالعنعنة والثانية بالسماع، والظاهر أن قوله: فتنعتها من قوله ﷺ خلافًا لما ذكر عن الداودي أنه من كلام ابن مسعود.
١١٩ - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِهِ
(باب قول الرجل لأطوفن) أي لأدورن (الليلة على نسائه) وفي نسخة على نسائي أي فأجامعهن.
٥٢٤٢ - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ﵉: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِىَ، فَأَطَافَ بِهِنَّ وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمود) هو ابن غيلان قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن ابن طاوس) عبد الله (عن أبيه عن أبي هريرة) ﵁ (قال: قال سليمان بن داود ﵉ لأطوفن الليلة) بفتح الهمزة وضم الطاء بعدها واو ساكنة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لأطيفن بضم الهمزة وكسر الطاء بعدها تحتية ساكنة (بمائة امرأة) أي أجامعهن (تلد كل امرأة) منهن (غلامًا يقاتل في سبيل الله) ﷿، وفي الجهاد: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين بالشك ولا منافاة بين القليل والكثير إذ التخصيص بالعدد لا يمنع الزائد (فقال له الملك) جبريل أو غيره: (قل) لكونه نسي (إن شاء الله فلم يقل) إن شاء الله (ونسي) أن يقولها أي بلسانه وإلاّ فلم يغفل عن التفويض إلى الله بقلبه كما يقتضيه مقام النبوة (فأطاف بهن) أي جامعهن (ولم) بالواو (تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان. قال النبي-ﷺ):
(لو قال: إن شاء الله لم يحنث) قال السفاقسي: أي لم يتخلف مراده لأن الحنث لا يكون إلا عن يمين، ويحتمل أن يكون حلف أو نزل التأكيد المستفاد من قوله: لأطوفن منزلة اليمين، وهذا الأخير قاله ابن حجر. (وكان) قول إن شاء الله (أرجى لحاجته).
وهذا الحديث سبق في الجهاد.
١٢٠ - باب لَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا إِذَا أَطَالَ الْغَيْبَةَ، مَخَافَةَ أَنْ يُخَوِّنَهُمْ أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ
هذا (باب) بالتنوين (لا يطرق) أي الرجل الغائب (أهله ليلًا) تأكيد لأن الطروق لا يكون إلا ليلًا. نعم قيل إنه يقال أيضًا في النهار (إذا أطال الغيبة) قيد في الحكم المذكور (مخافة أن يخوّنهم) بفتح الخاء المعجمة وكسر الواو المشدّدة أي لأجل خوف تخوينه إياهم أي بنسبهم إلى الخيانة فنصب مخافة على التعليل وأن مصدرية (أو يلتمس) أي يطلب (عثراتهم) بالمثلثة بعد العين أي زلاّتهم قال السفاقسي: الصواب يتخونهن وزلاتهم بالنون فيهما. قال في الفتح: بل ورد في
الصحيح بالميم فيهما في صحيح مسلم وغيره وتوجيهه ظاهر كذا قال، ولم يبين وجهه إلا من جهة المروي وهو وإن كان قويًّا في الحجة لكن يبقى الوجه في العربية، ويحتمل أن يكون المراد بالأهل أعم من الزوجة فيشمل الأولاد مثلًا فعبّر بالميم تغليبًا.
٥٢٤٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا.
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا محارب بن دثار) بكسر الدال المهملة وتخفيف المثلثة السدوسي قاضي الكوفة (قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄ قال: كان النبي ﷺ يكره أن يأتي الرجل أهله طروقًا) بضم الطاء إتيانًا في الليل من سفر أو غيره على غفلة. وفي حديث أنس عند مسلم أن النبي ﷺ كان لا يطرق أهله ليلًا وكان يأتيهم غدوة أو عشية، والعلة في ذلك أنه ربما يجد أهله على غير أهبة من التنظيف والتزين المطلوب من المرأة فيكون ذلك سببًا للنفرة بينهما أو يجدها على غير حالة مرضية والستر مطلوب بالشرع.
٥٢٤٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ، فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا عاصم بن سليمان) الأحول البصري (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري ﵄ (يقول قال رسول الله ﷺ):
(إذا أطال أحدكم الغيبة) عن أهله في سفر أو غيره (فلا يطرق أهله ليلًا) سبق أن ليلًا تأكيد والتقييد بطول الغيبة يفيد عدم النهي في قصيرها كمن يخرج لحاجة مثلًا نهارًا ويرجع ليلًا إذ لا يتأتى فيه ما في طويلها إذ هو مظنة وقوع المكروه فيما ذكر غالبًا، وفي رواية وكيع عن سفيان الثوري عن محارب عن جابر قال: نهى رسول الله ﷺ أن