انتهى.
وأيضًا فإن الشارع ﵊ جعل لصاحب المتاع الرجوع إذا وجده بعينه والمودع أحق بعينه سواء كان على صفته أو تغير عنها فلم يجز حمل الخير عليه ووجب حمله على البائع لأنه إنما يرجع بعينه إذا كان على صفته لم يتغير فإذا تغير فلا رجوع له، وأيضًا لا مدخل للقياس إلا إذا عدمت السُّنّة فإن وجدت فهي حجة على من خالفها. وأما حديث سمرة ففيه الحجاج بن أرطاة وهو كثير الخطأ والتدليس. قال ابن معين: ليس بالقوي وإن روى له مسلم فمقرون بغيره والله أعلم.
وحديث الباب أخرجه أيضًا مسلم في البيوع وكذا أبو داود والترمذي والنسائي، وأخرجه ابن ماجة في الأحكام.
١٥ - باب مَنْ أَخَّرَ الْغَرِيمَ إِلَى الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَطْلاً
وَقَالَ جَابِرٌ: "اشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ فِي دَيْنِ أَبِي، فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ الْحَائِطَ وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ قَالَ: سَأَغْدُو عَلَيْكَ غَدًا، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ فَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَقَضَيْتُهُمْ".
(باب من أخّر) من الحكام (الغريم) أي مطالبته بالدين لربه (إلى الغد أو نحوه) كيومين أو ثلاثة (ولم ير ذلك) التأخير (مطلاً) أي تسويفًا عن الحق. (وقال جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري ﵄ فيما سبق قريبًا موصولاً من طريق كعب بن مالك عن جابر (اشتد الغرماء) في الطلب (في حقوقهم في دين أبي فسألهم النبي ﷺ) بعد أن أتيته فقلت له: إن أبي ترك دينًا وليس عندي إلا ما يخرج نخله ولا يبلغ ما يخرج سنين ما عليه فانطلق معي لكيلاً يفحش عليّ الغرماء (أن يقبلوا ثمر حائطي) بالثاء المثلثة وفتح الميم وفي باب إذا قضى دون حقه أو حلله بالمثناة الفوقية وسكون الميم كذا في الفرع (فأبوا) أي امتنعوا أن يقبلوه (فلم يعطهم) النبي ﷺ (الحائط) أي ثمره (ولم يكسره) أي لم يكسر الثمر من النخل (لهم) أي لم يعين ولم يقسمه عليهم (قال) ولأبي ذر قال: (سأغدو عليك غدًا) ولأبي ذر عليكم بميم الجمع وسقط عنده لفظ غدًا (فغدا علينا حين أصبح فدعا في ثمرها) بالمثلثة أي في ثمر النخل (بالبركة) أي بعد أن طاف بها (فقضيتهم) حقهم.
وموضع الترجمة من هذا الحديث قوله سأغدو عليك، وقد سقطت الترجمة وحديثها هذا في رواية النسفيّ وتبعه أكثر الشراح، وقد سبق الحديث في باب إذا قضى دون حقه أو حلله ويأتي بعد بابين إن شاء الله تعالى.
١٦ - باب مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ أَوِ الْمُعْدِمِ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، أَوْ أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ
(باب من باع) من الحكم (مال المفلس أو المعدم) بكسر الدال مال الفقير (فقسمه) أي ثمن مال
المفلس (بين الغرماء) بنسبة ديونهم الحالّة لا المؤجلة فلا يدّخر منه شيء للمؤجل ولا يستدام له الحجر كما لا يحجر به فلو لم يقسم حتى حلَّ المؤجل التحق بالحالّ (أو أعطاه) أي أعطي الحاكم المعدم ثمن ما باعه يومًا بيوم (حتى ينفق على نفسه) أي وقريبه وزوجته القديمة ومملوكه كأم ولده نفقة المعسرين ويكسوهم بالمعروف لإطلاق حديث "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" إن لم يكن له كسب لائق به وإلاً فلا، بل ينفق ويكسو من كسبه فإن فضل منه شيء ردّ إلى المال أو نقص كمل من المال فإن امتنع من الكسب فقضية كلام المنهاج والمطلب أنه ينفق عليه من ماله واختاره الأسنوي وقضية كلام المتولي خلافه واختاره السبكي والأول أشبه بقاعدة الباب من أنه لا يؤمر بتحصيل ما ليس بحاصل.
٢٤٠٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: "أَعْتَقَ رَجُلٌ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بالسين المهملة هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغرًا قال: (حدّثنا حسين المعلم) بكسر اللام قال: (حدّثنا عطاء بن أبي رباح) بفتح الراء والموحدة (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄) أنه (قال: أعتق رجل) وزاد الكشميهني: منا، ولمسلم وأبي داود والنسائي من رواية أبي الزبير: أعتق رجل من بني عذرة ولهم أيضًا فى لفظ أن رجلاً من الأنصار يقال له أبو مذكور أعتق (غلامًا له عن دبر) يقال له يعقوب وكان قبطيًّا كما عند البيهقيّ وغيره وذكره ابن فتحون في ذيله على الاستيعاب في الصحابة وأنه سماه في البخاري ومسلم لكن ذكره البخاري وهم وعند النسائي وكان أي الرجل محتاجًا وكان عليه دين وفي رواية له فاحتاج الرجل، وفي لفظ فقال ﵊: "ألك مال غيره"؟ فقال: لا (فقال النبي) وفي نسخة رسول الله (ﷺ):
(من يشتريه) أي العبد (مني) مقتضاه أنه ﵊ باشر البيع بنفسه الكريمة وهو أولى بالمؤمنين من