الرواية (عن أبي سعيد الخدري ﵁ أنه قال: قال رسول الله ﷺ):
(يوشك) بكسر الشين المعجمة وفتحها قال الجوهري: لغة رديئة أي يقرب (أن يكون خير مال المسلم غنم) نكرة موصوفة مرفوعة على الأشهر في الرواية اسم يكون مؤخرًا وخير مال المسلم خبرها مقدمًا وفائدة تقديم الخبر الاهتمام إذ المطلوب حينئذ الاعتزال وليس الكلام في الغنم فلذا أخّرها (يتبع بها) بسكون الفوقية أي يتبع بالغنم (شعف الجبال) بفتح الشين المعجمة والعين المهملة والفاء رؤوسها للمرعى والماء (ومواقع) نزول (القطر) بالقاف المفتوحة المطر في الأودية والصحارى أي العشب والكلأ حال كونه (يفرّ بدينه) أي بسبب دينه (من الفتن) وفيه فضيلة العزلة لمن خاف على دينه، فإن لم يكن فالجمهور على أن الاختلاط أولى لاكتساب الفضائل الدينية والجمعة والجماعات وغيرها كإعانة وإغاثة وعيادة، وقال قوم: العزلة أفضل لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين واختار النووي الخلطة لمن لا يغلب على ظنه الوقوع في المعصية، فإن أشكل الأمر فالعزلة، وقيل يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.
والحديث أخرجه مسلم في المغازي والنسائي في البيعة.
١٥ - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ
(باب التعوّذ من الفتن).
٧٠٨٩ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: سَأَلُوا النَّبِىَّ ﷺ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَصَعِدَ النَّبِىُّ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «لَا تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُ لَكُمْ» فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ رَأْسُهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لَاحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ أَبِى؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ: «مَا رَأَيْتُ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ» قَالَ قَتَادَةُ: يُذْكَرُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا، عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١].
وبه قال: (حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء والمعجمة أبو زيد البصري قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس ﵁) أنه (قال: سألوا النبي ﷺ حتى أحفوه بالمسألة) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الفاء وسكون الواو أي ألحّوا عليه في السؤال وبالغوا (فصعد) بكسر العين (النبي ﷺ ذات يوم المنبر) ولأبي ذر على المنبر (فقال):
(لا تسألوني) أي اليوم ما في الرواية الأخرى في كتاب الدعاء (عن شيء) من الغيب (إلاّ بيّنتـ) ـه (لكم) قال أنس (فجعلت أنظر) إلى الصحابة (يمينًا وشمالاً فإذا كل رجل) حاضر منهم (رأسه) ولأبي ذر عن الكشميهني: لافّ رأسه بألف بعد اللام وتشديد الفاء ونصب رأسه (في ثوبه
يبكي فأنشأ رجل) بدأ الكلام (كان إذا لاحى) بفتح الحاء المهملة جادل وخاصم أحدًا (يدعى) بضم التحتية وسكون الدال وفتح العين المهملتين ينسب (إلى غير أبيه فقال: يا نبي الله من أبي؟ فقال) ﵊: (أبوك حذافة) بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة وبعد الألف فاء فهاء تأنيث أي ابن قيس واسم الرجل قيل قيس بن حذافة، وقيل خارجة، وقيل عبد الله. قال في الفتح: وهو المعروف. قلت: وصرح به البخاري في باب ما يكره من كثرة السؤال من كتاب الاعتصام (ثم أنشأ عمر) بن الخطاب ﵁ لما رأى ما بوجه النبي ﷺ من الغضب (فقال) شفقة على المسلمين (رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد) ﷺ (رسولاً) أي رضينا بما عندنا من كتاب الله وسُنّة رسول الله ﷺ واكتفينا به عن السؤال (نعوذ بالله من سوء الفتن) بضم السين المهملة بعدها واو ساكنة فهمزة، ولأبي ذر عن الكشميهني من شر الفتن (فقال النبي ﷺ: ما رأيت في الخير والشر كاليوم) يومًا مثل هذا اليوم (قط إنه) بكسر الهمزة (صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما) رؤيا عين (دون الحائط) أي بيني وبين الحائط وهو حائط محرابه ﷺ وسقط قوله لي في رواية غير الكشميهني.
(قال قتادة) بن دعامة بالسند السابق (يذكر) بضم أوله وفتح الكاف (هذا الحديث) رفع ولأبي ذر عن الكشميهني فكان قتادة يذكر هذا الحديث بفتح الياء من يذكر وضم الكاف والحديث نصب على المفعولية (عند هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدَ لكم تسؤكم﴾ [المائدة: ١٠١]) الآية أي: لا تسألوا رسول الله ﷺ عن أشياء إن تظهر لكم تغمكم وإن تسألوا عنها في زمن الوحي تظهر لكم وهما كمقدمتين ينتجان ما يمنع السؤال وهو أنه مما يغمهم والعاقل لا يفعل ما يغمه.
٧٠٩٠ - وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِىُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ ﷺ بِهَذَا وَقَالَ: كُلُّ رَجُلٍ لَافًّا رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى وَقَالَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ أَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ.
(وقال عباس) بالموحدة والمهملة ابن الوليد بن نصر الباهلي (النرسيّ) بالنون المفتوحة والراء الساكنة والسين المهملة