أيضًا في التفسير.
١٢ - باب مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ
هذا (باب) بالتنوين (مطل الغني ظلم).
٢٤٠٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ».
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد الأعلى) هو ابن عبد الأعلى البصري (عن معمر) هو ابن راشد (عن همام بن منبّه أخي وهب بن منبّه) بكسر الموحدة فيهما (أنه سمع أبا هريرة ﵁ يقول: قال رسول الله ﷺ):
(مطل الغني ظلم) قال الأزهري المطل المدافعة وإضافة المطل إلى الغني إضافة المصدر للفاعل هنا وإن كان المصدر قد يضاف إلى المفعول لأن المعنى أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه بخلاف العاجز، وقيل إنه مضاف إلى المفعول والمعنى أنه يجب وفاء الدين ولو كان مستحقه غنيًّا ولا يكون غناه سببًا لتأخير حقه عنه، وإذا كان كذلك في حق الغنيّ فهو في حق الفقير أولى وفيه تكلّف وتعسّف على ما لا يخفى وعن سحنون تردّ شهادة المليّ إذا مطل لكونه سمي ظالمًا وعند الشافعية تكرّر.
وهذا الحديث قد سبق في باب إذا أحال على مليّ من الحوالة.
١٣ - باب لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ
وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَىُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ».
قَالَ سُفْيَانُ عِرْضُهُ: يَقُولُ مَطَلْتَنِي. وَعُقُوبَتُهُ: الْحَبْسُ.
هذا (باب) بالتنوين (لصاحب الحق مقال) فلا يلام إذا تكرّر طلبه لحقه (ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه (عن النبي ﷺ) مما وصله أحمدُ وإسحاق في مسنديهما وأبو داود والنسائي من حديث عمرو بن الشريد بن أوس الثقفي عن أبيه وإسناده حسن (لي الواجد) بفتح اللام وتشديد التحتية والواجد بالجيم أي مطل القادر على قضاء دينه (يحل) بضم أوله وكسر ثانيه (عرضه وعقوبته قال سفيان) هو الثوري مما وصله البيهقي من طريق الفريابي عنه (عرضه يقول مطلتني) بتاء الخطاب وللأبوين مطلني أي حقي (وعقوبته الحبس) تأديبًا له لأنه ظالم والظلم حرام وإن قلّ.
٢٤٠١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: "أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بمهملات قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن شعبة) بن الحجاج (عن سلمة) بن كهيل بضم الكاف وفتح الهاء (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال: أتى النبي ﷺ رجل) أعرابي (يتقاضاه) أي يطلب أن يقضيه بكرًا اقترضه منه (فأغلظ له) في الطلب بكلام غير مؤذٍ إذ إيذاؤه ﵊ كفر (فهمّ به) أي بالأعرابي (أصحابه) رضوان الله عليهم أي عزموا أن يوقعوا به فعلاً (فقال) ﵊:
(دعوه) اتركوه (فإن لصاحب الحق مقالاًً).
١٤ - باب إِذَا وَجَدَ مَالَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: قَضَى عُثْمَانُ مَنِ اقْتَضَى مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ فَهْوَ لَهُ، وَمَنْ عَرَفَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ.
هذا (باب) بالتنوين (إذا وجد) شخص (ماله عند) شخص (مفلس) حكم القاضي بإفلاسه (في البيع) بأن يبيع رجل متاعًا لرجل ثم يفلس المشتري ويجد البائع متاعه الذي باعه عنده (و) في (القرض) بأن يقرض لرجل ثم يفلس المقترض فيجد المقرض ما أقرضه عنده (و) في (الوديعة) بأن
يودع شخص عند آخر وديعة ثم يفلس المودع بفتح الدال وجواب إذا قوله (فهو) أي فكلٌّ من البائع والمقرض والمودع بكسر الدال (أحق به) أي بمتاعه من غيره من غرماء المفلس.
(وقال الحسن) البصري: (إذا أفلس) شخص (وتبين) إفلاسه عند الحاكم (لم يجز عتقه) أي إذا أحاط الدين بماله (ولا بيعه ولا شراؤه) وكذا هبته ورهنه ونحوها كشرائه بالعين بغير إذن الغرماء لتعلق حقهم بالأعيان كالرهن ولأنه محجور عليه بحكم الحاكم فلا يصح تصرفه على مراغمة مقصود الحجر كالسفيه. قال الأذراعي: ويجب أن يستثني من منع الشراء بالعين ما لو دفع له الحاكم كل يوم نفقة له ولعياله فاشترى بها فإنه يصح جزمًا فيما يظهر ويصح تدبيره ووصيته لعدم الضرر لتعلق التفويت بما بعد الموت ويصح إقراره بالدين من معاملة أو غيرها، كما لو ثبت بالبينة والفرق بين الإنشاء والإقرار أن مقصود الحجر منع التصرف فألغي إنشاؤه والإقرار إخبار والحجر لا يسلب العبارة عنه.
(وقال سعيد بن المسيب): مما وصله أبو عبيد في كتاب الأموال والبيهقي بإسناد صحيح إلى سعيد (قضى عثمان) بن عفان (من اقتضى) أي أخذ (من حقه) الذي له عند شخص شيء (قبل أن يفلس) الشخص المأخوذ منه ولفظ أبي عبيد قبل أن يتبين إفلاسه (فهو) أي الذي أخذه (له) لا يتعرض إليه أحد من الغرماء (ومن عرف متاعه بعينه)