(وقول الله تعالى): بثبوت الواو والجرّ لأبي ذر ولغيره قول الله تعالى بالحذف والرفع على الاستئناف ({إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله}) يحاربون الله أي يحاربون أولياءه كذا قرّره الجمهور، وقال الزمخشري: يحاربون رسول الله ومحاربة المسلمين في حكم محاربته أي المراد الإخبار بأنهم يحاربون رسول الله وإنما ذكر اسم الله تعالى تعظيمًا وتفخيمًا لمن يحارب ({ويسعون في الأرض فسادًا}) مصدر واقع موقع الحال أي يسعون في الأرض مفسدين أو مفعول من أجله أي يحاربون ويسعون لأجل الفساد وخبر جزاء قوله: ({أن يقتلوا}) وما عطف عليه قصاصًا من غير صلب إن أفردوا القتل ({أو يصلبوا}) مع القتل إن جمعوا بين القتل وأخذ المال وهل يقتل ويصلب أو يصلب حيًّا وينزل ويطعن حتى يموت خلاف ({أو تقطع أيديهم وأرجلهم}) إن أخذوا المال ولم يقتلوا ({من خلاف}) حال من الأيدي والأرجل أي مختلفة فتقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى ({أو ينفوا من الأرض})[المائدة: ٣٣] ينفوا من بلد إلى آخر وفسر أبو حنيفة رحمة الله عليه النفي بالحبس وأو للتنويع أو للتخيير، فالإمام مخيّر بين هذه العقوبات في قاطع الطريق، وسقط لأبي ذر من قوله {ويسعون} الخ وقال بعد قوله: {ورسوله} الآية، والجمهور على أن هذه الآية نزلت فيمن خرج من المسلمين يسعى في الأرض بالفساد ويقطع الطريق، وهو قول مالك والشافعي والكوفيين.
وقال الضحاك: نزلت في قوم من أهل الكتاب كان بينهم وبين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عهد فنقضوا العهد وقطعوا السبيل وأفسدوا. وقال الكلبي: نزلت في قوم هلال بن عويمر وذلك أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وادع هلال بن عويمر وهو أبو بردة الأسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن مرّ بهلال بن عويمر إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو آمن لا يهاج فمرّ قوم من بني كنانة يريدون الإسلام بناس من أسلم من قوم هلال