للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قط ما حسدت خديجة حين بشرها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ببيت من قصب، وفي الحديث أن الغيرة غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلًا عن دونهن وأفضلية خديجة.

وروينا في كتاب مكة للفاكهاني عن أنس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان عند أبي طالب فاستأذنه أن يتوجه إلى خديجة فأذن له وبعث معه جارية له يقال لها نبعة فقال لها: انظري ما تقول له خديجة قالت نبعة فرأيت عجبًا ما هو إلا أن سمعت به خديجة فخرجت إلى الباب فأخذت بيده فضمتها إلى صدرها ونحرها ثم قالت: بأبي وأمي والله ما أفعل هذا لشيء، ولكني أرجو أن تكون النبي الذي يبعث فإن تكن هو فاعرف حقي ومنزلتي وادع الإله الذي يبعثك أن يبعثك لي قالت فقال لها: "والله لئن كنت أنا هو لقد اصطنعت عندي ما لا أضيعه أبدًا وإن يكن غيري فإن الإله الذي تصنعين هذا لأجله لا يضيعك أبدًا.

وهذا الحديث سبق في باب تزويج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خديجة.

١٠٩ - باب ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ فِي الْغَيْرَةِ وَالإِنْصَافِ

(باب ذب الرجل) بالذال المعجمة أي دفعه (عن ابنته في الغيرة و) طلب (الإنصاف) لها.

٥٢٣٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَاّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا».

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعد البلخي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبد الرحمن (عن المسور بن مخرمة) بن نوفل الزهري أنه (قال: سمعت

رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: وهو) أي والحال أنه (على المنبر):

(إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا) ولأبي ذر عن الكشميهني: استأذنوني (في أن ينكحوا) بضم أوّله من أنكح (ابنتهم) جويرة أو العوراء أو جميلة بنت أبي جهل (علي بن أبي طالب) وبنو هشام هم أعمام بنت أبي جهل لأنه أبو الحكم عمرو بن هشام بن المغيرة وقد أسلم أخواه الحارث بن هشام وسلمة بن هشام عام الفتح، وعند الحاكم بسند صحيح إلى سويد بن غفلة أحد المخضرمين ممن أسلم في حياة النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يلقه قال: خطب علي بنت أبي جهل إلى عمها الحارث فاستشار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أعن حسبها تسألني؟ فقال: لا ولكن أتأمرني بها؟ قال: لا الحديث (فلا آذن) لهم في ذلك (ثم لا آذن) لهم في ذلك (ثم لا آذن) لهم بالتكرير ثلاثًا.

قال الكرماني، فإن قلت: لا بد في العطف من المغايرة بين المعطوفين. وأجاب: بأن الثاني فيه مغايرة للأول لأن فيه تأكيدًا ليس في الأول، وفيه إشارة إلى تأبيد مدة منع الإذن كأنه أراد رفع المجاز لاحتمال أن يحمل النفي على مدة بعينها فقال: ثم لا آذن أي ولو مضت المدة المفروضة تقديرًا لا آذن بعدها ثم كذلك أبدًا.

(إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم) بفتح الياء من ينكح (فإنما هي) أي فاطمة (بضعة) بفتح الموحدة وسكون المعجمة وحكي ضم الموحدة وكسرها أي قطعة لحم (مني يريبني) بضم أوله (ما أرابها) تقول أرابني فلان إذا رأيت منه ما تكرهه (ويؤذيني ما آذاها).

وحينئذٍ فمن آذى فاطمة فقد آذى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأذاه حرام اتفاقًا. وزاد في رواية الزهري في الُخمس. "وأنا أتخوف أن تفتن في دينها وإني لست أحرم حلالًا ولا أحل حرامًا ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبنت عدو الله أبدًا".

قال السفاقسي: أصح ما تحمل عليه هذه القصة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حرم على علي أن يجمع بين ابنته وابنة أبي جهل لأنه علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرام بالإجماع ومعنى قوله لا أحرم حلالًا أي هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة وأما الجمع بينهما المستلزم تأذيه لتأذي فاطمة به فلا اهـ.

ولا يبعد أن يكون من خصائصه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا يتزوج على بناته أو هو خاص بفاطمة. وزاد في رواية غير أبي ذر هكذا قال:

وهذا الحديث قد سبق في مناقب فاطمة ويأتي إن شاء الله تعالى في الطلاق.

١١٠ - باب يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً، يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ»

هذا (باب) بالتنوين (يقل الرجال ويكثر النساء) أي في آخر الزمان (وقال أبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- فيما سبق موصولًا في باب الصدقة قبل الرد من كتاب

الزكاة (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال: (وترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة) وللحموي والمستملي: نسوة

<<  <  ج: ص:  >  >>