للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرطه فيها. وعند أبي داود والترمذي عن ركانة رفعه فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم وعن ابن عمر: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا اعتمّ سدل عمامته بين كتفيه رواه الترمذي، وعند ابن أبي شيبة من حديث ... (١) أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمم عبد الرحمن بن عوف بعمامة سوداء من قطن وأفضل

له من بين يديه مثل هذه، وفي رواية نافع عن ابن عمر قال: عمّم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابن عوف بعمامة وأرخاها من خلفه قدر أربع أصابع وقال هكذا فاعتم. وفي حديث الحسن بن علي عند أبي داود أنه رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المنبر وعليه عمامه سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه، وفي الترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا اعتمّ سدل عمامته بين كتفيه وهل ترخى من الجانب الأيسر أو الأيمن؟ قال الحافظ الزين العراقي: المشروع من الأيسر ولم أرَ ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث أبي أمامة بسند فيه ضعف عند الطبراني في الكبير قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يولي واليًا حتى يعممه ويرخي لها من الجانب الأيمن نحو الأذن. قال الحافظ. وعلى تقدير ثبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن ثم يردها من الجانب الأيسر إلا أنه شعار الإمامية وهل المراد بالسدل سدل الطرف الأسفل حتى يكون عذبة أو الأعلى فيغرزها ويرسل منها شيئًا خلفه يحتمل الأمرين ولم أرَ التصريح بكون المرخى من العمامة عذبة إلا في الحديث عبد الأعلى بن عدي عند أبي نعيم في معرفة الصحابة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يوم غدير خمس فعممه وأرخى عذبة العمامة من خلفه ثم قال: هكذا فاعتموا فإن العمائم سيما الإسلام وهي حاجز بين المسلمين والمشركين، والعذبة الطرف كعذب السوط واللسان أي طرفهما فالطرف الأعلى يسمى عذبة من حيث اللغة وإن كان مخالفًا للاصطلاح العرفي الآن، وفي بعض طرق حديث ابن عمر ما يقتضي أن الذي كان يرسله بين كتفيه من الطرف الأعلى أخرجه أبو الشيخ وغيره من حديث ابن عمر أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يدير كور العمامة على رأسه ويغرزها من ورائه ويرخي لها ذؤابة بين كتفيه.

وفي كتاب المواهب اللدنية مزيد لذلك وبالله التوفيق والمستعان.

١٦ - باب التَّقَنُّعِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ، وَقَالَ أَنَسٌ: عَصَبَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ

(باب التقنع) بفتح الفوقية والقاف وضم النون مشددة بعدها عين مهملة وهو تغطية الرأس قاله الكرماني وزاد في الفتح وأكثر الوجه برداء أو غيره.

(وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- مما سبق موصولاً مطوّلاً في مناقب الأنصار وغيره (خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعليه عصابة دسماء) بفتح الدال وسكون السين المهملتين ممدودة أي سوداء.

(وقال أنس) -رضي الله عنه- مما يأتي موصولاً مطوّلاً في هذا الباب إن شاء الله تعالى (عصب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بتخفيف الصاد المهملة (على رأسه حاشية برد) أي جانبه وتعقب الإسماعيلي المصنف بأن ما ذكره من العصابة لا يدخل في التقنع إذ التقنع تغطية الرأس والعصابة شد الخرقة على ما أحاط بالعمامة. وأجاب في فتح الباري: بأن الجامع بينهما وضع شيء زائد على الرأس فوق العمامة وتعقبه العيني بأن قوله زائد لا فائدة فيه وكذا قوله العمامة لأنه يلزم منه أنها إذا كانت تحت العمامة لا تسمى عصابة وبأن قول الإسماعيلي في أصل الاعتراض والعصابة شد الخرقة على ما

أحاط بالعمامة ليس كذلك بل العصب شد الرأس بخرقة مطلقًا، وقد ذكر في الانتقاض ذلك ولم يجب عنه.

٥٨٠٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَ تَرْجُوهُ بِأَبِى أَنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِصُحْبَتِهِ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِى بَيْتِنَا فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَقَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلاً مُتَقَنِّعًا فِى سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدًا لَهُ بِأَبِى وَأُمِّى وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَاّ لأَمْرٍ، فَجَاءَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ حِينَ دَخَلَ لأَبِى بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». قَالَ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ». قَالَ: فَالصُّحْبَةُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَخُذْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بِالثَّمَنِ». فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ وَضَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِى جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ وَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ، ثُمَّ لَحِقَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: ثَوْرٌ، فَمَكُثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَهْوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ فَيَرْحَلُ مِنْ عِنْدِهِمَا سَحَرًا فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ إِلَاّ وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِى رِسْلِهَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلَاثِ.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (إبراهيم بن موسى) التميمي الفراء الصغير قال: (أخبرنا هشام) هو ابن يوسف (عن معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنه) أنها (قالت: هاجر إلى الحبشة رجال) ولأبي ذر: هاجر ناس إلى الحبشة (من المسلمين، وتجهز أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- حال كونه (مهاجرًا فقال) له (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(على رسلك) بكسر


(١) كذا بياض بالأصول اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>