(باب قصة غزوة بدر) وللأصيلي وابن عساكر وأبي ذر قصة بدر وسقط لفظ باب لأبي ذر فقصة رفع، وقال في الفتح: ثبت باب في رواية كريمة. وقال العيني: ما ثبت إلا في رواية كريمة، وبدر قرية مشهورة نسبت إلى بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة كان نزلها أو بدر اسم بئر بها سميت بذلك لاستدارتها أو لصفاء مائها فكان البدر يرى فيها.
(وقول الله تعالى): بالجر عطفًا على المضاف وبالرفع عطفًا على المرفوع في رواية من أسقط لفظ باب (﴿ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة﴾) حال من الضمير، وإنما قال: أذلة ولم يقل ذلائل ليدل على قلتهم مع ذلتهم لضعف الحال وقلة المراكب والسلاح لأنهم لم يأخذوا أهبة الاستعداد للقتال كما ينبغي إنما خرجوا لتلقي أبي سفيان لأخذ ما معه من أموال قريش بخلاف المشركين (﴿فاتقوا الله لعلكم تشكرون﴾) أي فاتقوا الله في الثبات معه ولا تضعفوا فإن نعمته وهي نعمة الإسلام لا يقابل شكرها إلا ببذل المهج وبفداء الأنفس والنصرة والشهادة في سبيله فاثبتوا معه لعلكم تدركون شكر هذه النعمة، أو فاتقوا الله في الثبات معه والنصرة له لتحصل لكم نعمة الظفر فتشكروها فوضع الشكر موضع النعمة إيذانًا بكونها حاصلة قاله الطيبي:(﴿إذ تقول للمؤمنين﴾) متعلق بقوله: (﴿ولقد نصركم الله ببدر﴾) أو بقوله: (﴿وإذ غدوت من أهلك﴾) فيكون المراد غزوة أحد وعمل المصنف يدل على اختياره الأول وهو قول الأكثر، وروى ابن أبي حاتم بسند صحيح إلى الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمدّ المشركين فشق عليهم، فأنزل الله تعالى:(﴿ألن يكفيكم﴾) قال الكواشي: أدخل همزة الاستفهام على النفي توبيخًا لهم على اعتقادهم أنهم لا ينصرون بهذا العدد فنقلته إلى إثبات الفعل على ما كان عليه مستقبلاً فقال أن يكفيكم (﴿أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين﴾) من السماء إيجاب لما بعد لن أي بلى يكفيكم ثم وعدهم الزيادة على الصبر والتقوى فقال: (﴿إن تصبروا وتتقوا﴾) أي عليكم بالصبر مع نبيكم والتقوى وتذكروا ما جرى عليكم يوم أُحد حين عدمتم الصبر والتقوى وما منحتم يوم بدر حين صبرتم واتقيتم الله من الظفر والنصر
(﴿ويأتوكم﴾) أي المشركون (﴿من فورهم هذا﴾) من ساعتهم هذه (﴿يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة﴾) في حال إتيانهم من غير تأخير (﴿مسوّمين﴾) أي معلمين بالصوف الأبيض أو بالعهن الأحمر أو بالعمائم. وعند ابن مردويه مرفوعًا كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سوداء ويوم أُحد عمائم حمرًا، وعند ابن أبي حاتم إن الزبير كانت عليه يوم بدر عمامة صفراء معترًا بها فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر (﴿وما جعله الله﴾) أي وما جعل إمدادكم (﴿إلاّ بشرى لكم﴾) بالنصر (﴿ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله﴾) لا بكثرة العدد والعدد فلا حاجة في النصر إلى المدد وإنما أمدهم ووعدهم به بشارة لهم (﴿العزيز﴾) الذي لا يغالب (﴿الحكيم﴾) الذي تجري أفعاله على ما يريد وهو أعلم بمصالح العبيد (﴿ليقطع﴾) أي أرسل الملائكة لكي تستأصل (﴿طرفا﴾) جماعة (﴿من الذين كفروا﴾) بالقتل والأسر (﴿أو يكبتهم﴾) أي يهزمهم أو يصرعهم (﴿فينقلبوا خائبين﴾)[آل عمران: ١٢٣ - ١٢٤ - ١٢٥ - ١٢٦ - ١٢٧] لم يحصلوا على ما أملوا ووقع في رواية الأصيلي بعد ﴿وأنتم أذلة﴾ إلى قوله: ﴿فينقلبوا خائبين﴾ وولأبي ذر وابن عساكر بعد قوله تعالى: ﴿لعلكم تشكرون﴾ إلى قوله: ﴿فينقلبوا خائبين﴾.
(وقال وحشي) بفتح الواو وسكون الحاء وكسر الشين المعجمة وتشديد التحتية ابن حرب الحبشي مما وصله المؤلّف في غزوة أُحد في باب قتل حمزة (قتل حمزة) بن عبد المطلب (طعيمة بن عدي) بضم الطاء وفتح العين المهملتين مصغرًا (ابن الخيار يوم بدر) بكسر الخاء المعجمة وهو وهم والصواب ابن نوفل، ويأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى في غزوة أُحد، وزاد أبو ذر عن الكشميهني هنا قال أبو عبد الله البخاري: فورهم هو غضبهم وهذا تفسير عكرمة ومجاهد، وقال الراغب: الفور شدة الغليان ويقال ذلك في النار نفسها إذا هاجت في القدر والغضب قال الله تعالى: