للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البيع ومن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللاً ودخل في الوعيد على ذلك باللعن ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح وكل شيء قصد به تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله كان إثمًا، واستدل به من قال لإبطال الحيل ومن قال بإعمالها لأن مرجع كل من الفريقين إلى نيّة العامل فإن كان في ذلك خلاص مظلوم مثلاً فهو مطلوب وإن كان فيه فوات حق فهو مذموم، وقد نص إمامنا الشافعي على كراهة نعاطي الحيل في تفويت الحقوق فقال بعض أصحابه: هي كراهة تنزيه، وقال كثير من محققيهم كالغزالي هي كراهة تحريم وقد نقل صاحب الكافي من الحنفية عن محمد بن الحسن قال ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق (فمن كانت هجرته) من مكة إلى المدينة (إلى الله) أي إلى طاعة الله (ورسوله) وجواب الشرط قوله: (فهجرته إلى الله ورسوله) ظاهره اتحاد الشرط والجزاء فهو كقوله من أكل أكل ومن شرب شرب وذلك غير مفيد، وأجاب عنه ابن دقيق العيد بأن التقدير فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله قصدًا ونية فهجرته إلى الله ورسوله ثوابًا وأجرًا قال ابن مالك هو كقوله لو مت مت على غير الفطرة. قال ابن فرحون: وإعراب قصدًا ونية يصح أن يكون خبر كان أي ذات قصد وذات نية وتتعلق إلى بالمصدر ويصح أن يكون إلى الله الخبر وقصدًا مصدر في محل الحال وأما قوله ثوابًا وأجرًا فلا يصح فيهما إلا الحال من الضمير في الخبر اهـ.

وسبق مزيد لذلك أول هذا الشرح.

(ومن هاجر إلى دنيا) بضم الدال وحكى ابن قتيبة كسرها ولا تنون على المشهور لأنها فعلى من الدنوّ وألف التأنيث تمنع من الصرف وحكى تنوينها. قال ابن جني: وهي لغة نادرة والدنيا ما على الأرض مع الجوّ والهواء أو كل مخلوق من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة والمراد بها في الحديث المال ونحوه (يصيبها) جملة من فعل وفاعل ومفعول في موضع جر صفة لدنيا ومتى تقدمت النكرة على الظرف أو المجرورات أو الجمل كانت صفات وإن تقدمت المعرفة كانت أحوالاً (أو امرأة يتزوّجها) وجواب الشرط قوله: ﴿فهجرته إلى ما هاجر إليه).

ووجه مطابقة الحديث للترجمة التي هي لترك الحيل أن مهاجر أم قيس جعل الهجرة حيلة في تزوّج أم قيس.

والحديث سبق مرارًا.

٢ - باب فِى الصَّلَاةِ

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه بيان دخول الحيلة (في الصلاة).

٦٩٥٤ - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر أبو إبراهيم السعدي المروزي، وقيل البخاري وكان ينزل بمدينة بخارى بباب بني سعد ونسبه لجده وسقط لغير أبي ذر ابن نصر قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (عن معمر) بفتح الميمين بينهما مهملة ساكنة ابن راشد (عن همام) بفتح الهاء والميم المشددة ابن منبه (عن أبي هريرة) (عن النبي ) أنه (قال):

(لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) أي إذا أحدث أحدكم لا تقبل صلاته إلى أن يتوضأ ولا يجوز تقديرها بلا المشددة لأن الكلام يصير لا يقبل الله صلاة أحدكم إلا أن يتوضأ ومفهومه أنه لو صلّى قبل الوضوء ثم توضأ قبلت فيفسد المعنى بتقديرها، ووجه تعلق الحديث بالترجمة قيل لأنه قصد الرد على الحنفية حيث صححوا صلاة من أحدث في الجلسة الأخيرة وقالوا: إن التحلل يحصل بكل ما يضاد الصلاة فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث، ووجه الرد أنه محدث في صلاته فلا تصح لأن التحلل منها ركن فيها لحديث وتحليلها التسليم كما أن التحريم بالتكبير ركن فيها لكن انفصل الحنفية عن ذلك بأن السلام واجب لا ركن فإن سبقه الحدث بعد التشهد توضأ وسلم، وإن تعمده فالعمد قاطع وإذا وجد القطع انتهت الصلاة لكون السلام ليس ركنًا. وقال ابن بطال: فيه رد على أبي حنيفة في قوله إن المحدث في صلاته يتوضأ ويبني، ووافقه ابن أبي ليلى وقال مالك والشافعي: يستأنف الصلاة واحتجا بهذا الحديث، وتعقبه في المصابيح فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>