للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فليتصدق) ندبًا بشيء تكفيرًا للخطيئة التي قالها ودعا إليها لأنه وافق الكفار في لعبهم ويتأكد ذلك في حق من لعب بطريق الأولى.

والحديث سبق في تفسير سورة النجم بلفظ الأسناذ والمتن وسبق أيضًا في الأدب والاستئذان.

٦ - باب مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّىْءِ وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ

(باب من حلف على الشيء) يفعله أو لا يفعله حلف على ذلك (وإن لم يحلف) بضم التحتية وفتح اللام المشددة مبنيًّا للمجهول.

٦٦٥١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَكَانَ يَلْبَسُهُ فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِى بَاطِنِ كَفِّهِ، فَصَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ: «إِنِّى كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتِمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ» فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا» فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) عبد الله -رضي الله عنهما- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اصطنع) أي أمر أن يصنع له (خاتمًا من ذهب وكان يلبسه فيجعل) ولأبي ذر فجعل (فصه) بفتح الفاء أفصح وبالصاد المهملة (في باطن كفه فصنع الناس) زاد أبو ذر عن الكشميهني خواتيم أي من ذهب (ثم إنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (جلس على المنبر فنزعه) جملة جلس في موضع خبر إن وجملة نزعه معطوفة على التي قبلها (فقال): عطف أو في موضع الحال أي جلس وقد قال: فيكون قوله قبل جلوسه أو مع جلوسه ومعمول القول:

(إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل) أي من داخل كفي (فرمى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (به) بالخاتم ولم يستعمله (ثم قال: والله لا ألبسه أبدًا) لأنه حرم يومئذٍ (فنبذ الناس) فطرحوا (خواتيمهم) وأراد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحلفه تأكيد الكراهة في نفوس أصحابه وغيرهم ممن بعدهم. وقال المهلب: إنما كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحلف في تضاعيف كلامه وكثير من فتواه متبرعًا بذلك لنسخ ما كانت عليه الجاهلية في الحلف بآبائهم وآلهتهم ليعرفهم أن لا محلوف به سوى الله تعالى، وليتدربوا على ذلك حتى ينسوا ما كانوا عليه من الحلف بغيره تعالى. وقال ابن المنير: مقصود الترجمة أن يخرج مثل هذا من قوله تعالى {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} [الأحقاف: ٤] يعني على أحد التأويلات فيها لئلا يتخيل أن الحالف قبل أن يستحلف يرتكب النهي فأشار إلى أن النهي يختص بما ليس فيه قصد صحيح كتأكيد الحكم كالذى ورد في حديث الباب في منع لبس خاتم الذهب اهـ. وإطلاق

بعض الشافعية كراهية الحلف من غير استحلاف فيما لم يكن طاعة ينبغي أن يقال فيما لم يكن مصلحة بدل قوله طاعة كما لا يخفى.

والحديث سبق في كتاب اللباس.

٧ - باب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةِ الإِسْلَامِ

وَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ حَلَفَ بِاللَاّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ» وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الْكُفْرِ.

(باب من حلف بملة) بكسر الميم وتشديد اللام دين وشريعة (سوى الإسلام) ولغير أبي ذر سوى ملة الإسلام كاليهودية والنصرانية والمجوسية والصابئة وأهل الأديان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة هل يكفر الحالف بذلك أم لا؟

(وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الحديث السابق قبل: (من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم ينسبه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إلى الكفر) لأنه اقتصر على الأمر بقوله: لا إله إلا الله ولو كان ذلك يقتضي الكفر لأمره بتمام الشهادتين.

٦٦٥٢ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلَامِ فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ، فَهْوَ كَقَتْلِهِ».

وبه قال: (حدّثنا معلى بن أسد) بضم الميم وفتح العين المهملة واللام المشددة العمي أبو الهيثم الحافظ أخو بهز قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد البصري (عن أيوب) السختياني (عن أبي قلابة) بكسر القاف وتخفيف اللام وبالموحدة عبد الله بن زيد الجرمي (عن ثابت بن الضحاك) الأنصاري وهو ممن بايع تحت الشجرة -رضي الله عنه- أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(من حلف بغير ملة الإسلام) كان يقول إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام أو من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولمسلم: من حلف على يمين بملة غير الإسلام وعلى بمعنى الباء أو التقدير من حلف على شيء بيمين فحذف المجرور وعدى الفعل بعلى بعد حذف الباء وفي كتاب الجنائز من البخاري من طريق خالد الحذاء عن أبي قلابة: من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا وجواب الشرط قوله (فهو كما قال) وهو مبتدأ، وكما قال في موضع الخبر أي فهو كائن كما قال وظاهره أنه يكفر بذلك، ويحتمل أن يكون المراد التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم كأنه قال: فهو مستحق مثل عذاب من اعتقد ما قال والتحقيق أنه لا تنعقد يمينه ولا يكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>