ولأبي ذر الشفير ثم قال: (وهو) أي الشفير (حده) بالدال بعد الحاء المهملتين وللكشميهني وهو حرفه أي جانبه.
(والجرف ما تجرف من السيول والأودية) أي يحفر بالماء فصار واهيًا.
(﴿هار﴾) أي (هائر) يقال انهارت البئر إذا تهدمت. قال القاضي: وإنما وضع شفا الجرف وهو ما جرفه الوادي الهائر في مقابلة التقوى تمثيلاً لما بنوا عليه أمر دينهم في البطلان وسرعة الانطماس ثم رشحه بانهياره به في النار ووضعه في مقابلة الرضوان تنبيهًا على أن تأسيس ذلك على أمر يحفظه عن النار ويوصله إلى رضوان الله تعالى ومقتضياته التي الجنة أدناها وتأسيس هذا على ما هم بسببه على صدد الوقوع في النار ساعة فساعدة ثم إن مصيرهم إلى النار لا محالة اهـ.
وقوله: ﴿إن إبراهيم﴾ (﴿لأوّاه﴾) [التوبة: ١١٤] أي (شفقًا وفرقًا) كناية عن فرط ترحمه ورقة قلبه وفيه بيان الحامل له على الاستغفار لأبيه مع شكاسته عليه.
(وقال الشاعر:) وهو المثقب بتشديد القاف المفتوحة العبدي واسمه جحاش بن عائذ بن محصن، وسقط لفظ الشاعر لغير أبي ذر.
(إذا ما قمت أرحلها بليل).
بفتح الهمزة والحاء المهملة من رحلت الناقة أرحلها إذا شددت الرحل على ظهرها والرحل أصغر من القتب.
(تأوّه آهة) بمدّ الهمزة وللأصيلي أهة (الرجل الحزين). بتشديد الهاء وقصر الهمزة قال الحريري في درة الغوّاص يقولون في التأوّه أوّه والأفصح أن يقال أوه بكسر الهاء وضمها وفتحها والكسر أغلب وعليه قول الشاعر:
وقد شدّد بعضهم الواو فقال: أوّه، ومنهم من حذف الهاء وكسر الواو فقال أوّ، وتصريف الفعل منها أوّه وتأوّه والمصدر والآهة ومنه قول مثقب العبدي:
إذا ما قمت أرحلها بليل.
البيت. وهذا البيت من جملة قصيدة أوّلها:
أفاطم قبل بينك متعيني … ومنعك ما سألت كأن تبيني
ولا تعدي مواعد كاذبات … تمرّ بها رياح الصيف دوني
فإني لو تخالفني شمالي … لما أتبعتها أبدًا يميني
(يقال: تهوّرت البئر إذا انهدمت وإنها مثله) كذا لأبوي ذر والوقت وسقط لغيرهما.
١ - باب قَوْلِهِ: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾
[التوبة: ١] أُذُنٌ: إِعْلَامٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُذُنٌ يُصَدِّقُ، تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ، وَالزَّكَاةُ: الطَّاعَةُ وَالإِخْلَاصُ. لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ: لَا يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يُضَاهُونَ: يُشَبِّهُونَ
(باب قوله) ﷿: (﴿براءة من الله ورسوله﴾) أي هذه براءة مبتدأ صدورها من الله تعالى وغاية انتهائها (﴿إلى الذين عاهدتم من المشركين﴾) [التوبة: ١] فبراءة خبر مبتدأ محذوف وقيل مبتدأ خبره إلى الذين وجاز الابتداء بالنكرة لأنها تخصصت بالجار بعدها، والمعنى أن الله ورسوله برئا من العهد الذي عاهدتم به المشركين وذلك أنهم عاهدوا مشركي العرب فنكثوا ولم يف به إلا بنو ضمرة وبنو كنانة فأمرهم بنبذ العهد إلى من نقضه وأمروا أن يسيحوا الأربعة الأشهر المحرم صيانة لها من القتال.
وقوله: (﴿أذان﴾) أي (إعلام) يقال آذنته إيذانًا وأذانًا وهو اسم قام مقام المصدر، وسقط هذا لغير أبي ذر.
(وقال ابن عباس) ﵄ مما رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله ويقولون هو (أذن يصدق) كل ما سمع وسمي بالجارحة للمبالغة كأنه من فرط سمعه صار جملة آلة السماع ما سمي الجاسوس عينًا لذلك.
وقوله: ﴿خذ من أموالهم صدقة﴾ (﴿تطهرهم وتزكيهم بها﴾) [التوبة: ١٠٣] بمعنى واحد لأن الزكاة والتزكية في اللغة الطهارة (ونحوها) وفي نسخة ونحو هذا (كثير) في القرآن أو في لغات العرب (والزكاة الطاعة والإخلاص) أي تأتي بمعناهما رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: (﴿تطهرهم وتزكيهم بها﴾) قال الزكاة طاعة الله والإخلاص.
وقوله تعالى في سورة فصلت: ﴿وويل للمشركين الذين﴾ (﴿لا يؤتون الزكاة﴾) [فصلت: ٦] قال ابن عباس فيما رواه عليّ بن أبي طلحة عنه (لا يشهدون أن لا إله إلا الله) وهذا ذكره استطرادًا.
وقوله تعالى: (يضاهون) قال ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة عنه (يشبهون) وقال: