للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن ربعي (قال: سرنا مع النبي) وللأصيلي مع رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة،) مرجعه من خيبر كما جزم به بعضهم لما عند مسلم من حديث أبي هريرة ونوزع فيه (فقال بعض القوم:) قيل هو عمر وقال الحافظ ابن حجر لم أقف على تسمية هذا القائل. (لو عرست بنا يا رسول الله) أي لو نزلت بنا آخر الليل فاسترحنا.

(قال) عليه الصلاة والسلام (أخاف أن تناموا عن الصلاة) حتى يخرج وقتها فمن يوقظنا (قال) وللهروي والأصيلي وابن عساكر فقال (بلال) المؤذن ظنًّا منه أنه يأتي على عادته في الاستيقاظ في مثل ذلك الوقت لأجل الأذان: (أنا أوقظكم فاضطجعوا،) بفتح الجيم بصيغة الماضي (وأسند بلال ظهره إلى راحلته) التي يركبها (فغلبته عيناه) أي بلال وللسرخسي فغلبت بغير ضمير (فنام) بلال (فاستيقظ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد طلع حاجب الشمس) أي حرفها. (فقال) عليه الصلاة والسلام (يا بلال أين ما قلت؟) أي أين الوفاء بقولك أنا أوقظكم. قال له عليه الصلاة والسلام ذلك لينبهه على اجتناب الدعوى والثقة بالنفس وحسن الظن بها لا سيما في مظان الغلبة وسلب الاختيار. (قال) بلال (ما ألقيت) بضم الهمز مبنيًّا للمفعول (عليّ نومة) بالرفع نائبًا عن الفعل (مثلها) أي مثل هذه النومة في مثل هذا الوقت (قط. قال:) عليه الصلاة والسلام: (إن الله قبض أرواحكم) أي عن أبدانكم بأن قطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرًا لا باطنًا (حين شاء، وردّها عليكم) عند اليقظة (حين شاء. يا بلال قم فأذّن بالناس بالصلاة). بتشديد الذال من التأذين وبالموحدتين في بالناس وبالصلاة، وللمستملي وعزاها في الفتح للكشميهني فآذن الناس بمدّ الهمزة وحذف الموحدة في الناس أي أعلمهم، وللأصيلي فآذن بالمد للناس بلام بدل الموحدة، وللكشميهني فأذّن بتشديد الذال الناس بإسقاط الموحدة وفيه ما ترجم له وهو الأذان للفائتة، وبه قال أحمد والشافعي في القديم، وقال في الجديد: لا يؤذن لها وهو قول مالك واختار النووي صحة التأذين لثبوت الأحاديث فيه. (فتوضأ) عليه الصلاة والسلام ولأبي نعيم في مستخرجه فتوضأ الناس (فلما ارتفعت الشمس وابياضت) بتشديد الضاد المعجمة بعد الألف كاحمارّت أي صفت (قام) عليه الصلاة والسلام (فصلّى.) بالناس الصبح.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ومدني، وفيه رواية الابن عن أبيه والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في التوحيد وأبو داود والنسائي.

٣٦ - باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ

(باب من صلّى بالناس) الفائتة حال كونهم (جماعة) أي مجتمعين (بعد ذهاب الوقت).

٥٩٦ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا. فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ". [الحديث ٥٩٦ - أطرافه في: ٥٩٨، ٦٤١، ٩٤٥، ٤١١٢].

وبالسند قال: (حدّثنا معاذ بن فضالة) بقتح الفاء البصري (قال: حدّثنا هشام) الدستوائي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (أن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (جاء يوم) حفر (الخندق) في السنة الرابعة من الهجرة (بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال: يا رسول الله ما كدت) بكسر الكاف وقد تضم (أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب) أي ما صليت حتى غربت الشمس لأن كاد إذا تجرّدت عن النفي كان معناها إثباتًا، وإن دخل عليها نفي كان معناها نفيًا لأن قولك: كاد زيد يقوم معناه إثبات قرب القيام، وقولك ما كاد زيد يقوم معناه نفي قرب الفعل، وهاهنا نفي قرب الصلاة فانتفت الصلاة بالطريق الأولى (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: والله ما صليتها فقمنا إلى بطحان) بضم الموحدة وسكون الطاء أو بالفتح والكسر وادٍ بالمدينة (فتوضأ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (للصلاة وتوضأنا لها فصلّى العصر) بنا جماعة (بعدما غربت الشمس، ثم صلّى بعدها المغرب). هذا لا ينهض دليلاً للقول بوجوب ترتيب الفوائت إلا إذا قلنا أن أفعاله عليه الصلاة والسلام المجردة للوجوب. نعم لهم أن يستدلّوا بعموم قوله عليه الصلاة والسلام "صلوا كما رأيتموني أصلي" وفي الموطأ من طريق أخرى: أن الذي فاتهم الظهر والعصر.

وأجيب بأن الذي في الصحيحين العصر وهو أرجح ويؤيده

<<  <  ج: ص:  >  >>