في المحرم بمنى (فابتدرناها) أي أسرعنا إليها (فذهبت فقال النبي): (وقيت) بضم الواو وكسر القاف مخففة أي حفظت ومنعت (شركم) نصب مفعول ثان لوقيت وكذا قوله (كما وقيتم شرها) أي لم يلحقها ضرركم كما لم يلحقكم شرها وهو من مجاز المقابلة.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير ومسلم في الحيوان والحج والنسائي في الحج والتفسير.
١٨٣١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِلْوَزَغِ: فُوَيْسِقٌ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ". [الحديث ١٨٣١ - طرفه في: ٣٣٠٦].
وبه قال (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة بن الزبير) بن العوام (عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) (للوزغ): بفتح الواو والزاي آخره غين معجمة واللام فيه بمعنى عن أبي قال عن الوزغ (فويسق) بالتنوين مع ضم مصغرًا للتحقير والذم واتفقوا على أنه من الحشرات المؤذيات.
قالت عائشة: (ولم أسمعه) عليه الصلاة والسلام (أمر بقتله) قضية تسميته إياه فويسقًا أن يكون قتله مباحًا، وكون عائشة لم تسمعه لا يدل على منعه فقد سمعه غيرها.
وفي الصحيحين والنسائي وابن ماجة عن أم شريك أنها استأمرت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قتل الوزغات فأمرها بذلك.
وفي الصحيحين أيضًا أنه- أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقًا.
وفي مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من قتل وزغة من أوّل ضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الأولى".
وفي الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعًا "اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة" لكن في إسناده عمر بن قيس المكي وهو ضعيف.
ومن غريب أمر الوزغ ما قيل إنه يقيم في حجره من الشتاء أربعة أشهر لا يطعم شيئًا ومن طبعه أن لا يدخل بيتًا فيه رائحة زعفران، وقد وقع في رواية أبوي ذر والوقت هنا.
(قال أبو عبد الله): أي البخاري (إنما أردنا بهذا) أي بحديث ابن مسعود (أن منى من الحرم وأنهم لم يروا بقتل الحية) التي وثبت عليهم في الغار (بأسًا) كذا وقع سياق هذا آخر الباب في الفرع ومحله عقب حديث ابن مسعود على ما لا يخفى.
٨ - باب لَا يُعْضَدُ شَجَرُ الْحَرَمِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ».
هذا (باب) بالتنوين (لا يعضد) بضم أوّله وسكون المهملة وفتح المعجمة مبنيًا للمفعول أي لا يقطع (شجر الحرم. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-) مما وصله المؤلّف في الباب التالي (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يعضد شوكه).
١٨٣٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: "ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً. فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. فَقِيلَ لأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلَا فَارًّا بِدَمٍ، وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ". خَرْبَةٌ: بَلِيَّةٌ.
وبالسند قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا الليث) بن سعد (عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح) بضم الشين المعجمة وفتح الراء وبالحاء المهملة قيل اسمه خويلد، وقيل عمرو بن خالد، وقيل كعب بن عمرو الخزاعي (العدوي) ليس هو من بني عدي لا عدي قريش ولا عدي مضر، ويحتمل أن يكون حليفًا لبني عدي بن كعب، وقيل في خزاعة بطن يقال لهم بنو عدي (أنه قال لعمرو بن سعيد): أي ابن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية المعروف بالأشدق لأنه صعد المنبر فبالغ في شتم عليّ -رضي الله عنه- فأصابته لقوة، وكان يزيد بن معاوية ولاه المدينة. قال الطبري: كان قدومه واليًا على المدينة من قبل يزيد في السنة التي ولي فيها يزيد الخلافة سنة ستين، (وهو يبعث البعوث إلى مكة) جملة حالية والبعوث جمع بعث وهو الجيش بمعنى مبعوث وهو من تسمية المفعول بالمصدر، والمراد به الجيش المجهز لقتال عبد الله بن الزبير لأنه لما امتنع من بيعة يزيد وأقام بمكة كتب يزيد إلى عمرو بن سعيد أن يوجه إلى ابن الزبير جيشًا فجهز إليه جيشًا وأمّر عليهم عمرو بن الزبير أخا عبد الله وكان معاديًا لأخيه، فجاء مروان إلى عمرو بن سعيد فنهاه عن ذلك فامتنع وجاءه أبو شريح فقال له: (ايذن لي) أصله إئذن بهمزتين فقلبت الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها يا (أيها الأمير أحدثك) بالجزم (قولاً قام به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) جملة في موضع نصب صفة لقولاً المنصوب على المفعولية (الغد) بالنصب على الظرفية أي اليوم الثاني (من يوم الفتح) لمكة ولأبي الوقت: للغد بلام الجر (فسمعته أذناي) منه من غير واسطة