وفي الفرع بسكون الدال وهي أخس الطير وتخطف أطعمة الناس.
(والعقرب) واحدة العقارب وهي مؤنثة والأنثى عقربة وعقرباء ممدود غير مصروف ولها ثماني أرجل وعيناها في ظهرها تلدغ وتؤلم إيلامًا شديدًا، وربما لسعت الأفعى فتموت، ومن عجيب أمرها أنها مع صغرها تقتل الفيل والبعير بلسعتها وأنها لا تضرب الميت ولا النائم حتى يتحرك شيء من بدنه فتضربه عند ذلك وتأوى إلى الخنافس وتسالمها وفي ابن ماجة عن عائشة قالت: لدغت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عقرب وهو في الصلاة فلما فرغ قال "لعن الله العقرب ما تدع مصليًا ولا غيره اقتلوها في الحل والحرم".
(والفأرة) بهمزة ساكنة، والمراد فأرة البيت وهي الفويسقة. وروى الطحاوي في أحكام القرآن عن يزيد بن أبي نعيم أنه سأل أبا سعيد الخدري لم سميت الفأرة الفويسقة؟ قال: استيقظ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات ليلة وقد أخذت فأرة فتيلة لتحرق على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البيت فقام إليها فقتلها وأحل قتلها للحلال والمحرم.
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس قال: جاءت فأرة فأخذت تجرّ الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخمرة التي كان قاعدًا عليها فأحرقت منها موضع درهم. زاد الحاكم
فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم، ثم قال: صحيح الإسناد. وليس في الحيوان أفسد من الفأر لا يبقى على خطير ولا جليل إلا أهلكه وأتلفه.
(والكلب العقور) الجارح وهو معروف واختلف في غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه فصرح بتحريم قتله القاضيان حسين والمارودي وغيرهما. وفي الأم للشافعي الجواز، واختلف كلام النووي فقال في البيع من شرح المهذّب: لا خلاف بين أصحابنا في أنه محترم لا يجوز قتله، وقال في التيمم والغصب أنه غير محتوم، وقال في الحج: يكره قتله كراهة تنزيه وعلى كراهة قتله اقتصر الرافعي، وتبعه في الروضة وزاد أنها كراهة تنزيه. وقال السرقسطي في غريبه: الكلب العقور يقال لكل عاقر حتى اللص المقاتل، وقيل هو الذئب. وعن أبي هريرة أنه الأسد قاله السرقسطي، والتقييد بالخمس وإن كان مفهومه اختصاص المذكورات بالحكم لكنه مفهوم عدد وليس بحجة عند الأكثر، وعلى تقدير اعتباره فيحتمل أن يكون قاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوّلاً ثم بين أن غير الخمس يشترك معها في الحكم، ففي بعض طرق عائشة عند مسلم أربع فأسقط العقرب، وفي بعضها ست، وهو عند أبي عوانة في المستخرج فزاد الحية، وفي حديث أبي هريرة عند ابن خزيمة زيادة ذكر الذئب والنمر على الخمس المشهورة فتصير بهذا الاعتبار سبعًا، لكن أفاد ابن خزيمة عن الذهلي أن ذكر الذئب والنمر من تفسير الراوي للكلب العقور فيه التنبيه بما ذكر على جواز قتل كل مضر من فهد وصقر وأسد وشاهين وباشق وزنبور وبرغوث وبق وبعوض ونسر.
وفي حديث الباب رواية التابعي عن التابعي والصحابي عن الصحابية والأخ عن أخته.
١٨٣٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلَاتِ} وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقْتُلُوهَا. فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا". [الحديث ١٨٣٠ - أطرافه في: ٣٣١٧، ٤٩٣٠، ٤٩٣١، ٤٩٣٤].
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بكسر الغين المعجمة آخره مثلثة وعمر بضم العين قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدثني) بالإفراد (إبراهيم) بن يزيد النخعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن عبد الله) هو ابن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه: (قال: بينما) ولأبي الوقت: بينا (نحن مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غار بمنى) أي ليلة عرفة كما عند الإسماعيلي من طريق ابن نمير عن حفص بن غياث (إذ نزل عليه) صلاة الله وسلامه عليه سورة ({والمرسلات}) فاعل نزل والفعل إذا سند إلى مؤنث غير حقيقي يجوز تذكيره وتأنيثه، (وأنه) عليه الصلاة والسلام (ليتلوها وأني لأتلقاها) أتلقنها وآخذها (من فيه) أي فمه الكريم (وأن فاه) فمه (لرطب بها) أي لم يجف ريقه بها (إذ وثبت علينا حيّة فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن معه من أصحابه).
(اقتلوها) وفي رواية مسلم وابن خزيمة واللفظ له: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر محرمًا بقتل حيّة