للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من لفحها. وفيه: ثم جيء بالجنة، حين رأيتموني تقدّمت حتى قمت مقامي ... الحديث.

واللام في النار للعهد، أي: رأيت نار جهنم.

(فلم أر منظرًا كاليوم قط) منظرًا نصب بـ "أَرَ" وقط بتشديد الطاء وتخفيفها، ظرف للماضي، وقوله: (أفظع) أقبح وأشنع وأسوأ صفة للمنصوب، وكاليوم قط اعتراض بين الصفة والموصوف، وأدخل كاف التشبيه عليه لبشاعة ما رأى فيه.

وجوّز الخطابي في: أفظع وجهين: أن يكون بمعنى فظيع، كأكبر بمعنى كبير، وأن يكون أفعل تفضيل على بابه على تقدير منه. فصفة أفعل التفضيل محذوفة.

قال ابن السيد:

العرب تقول: ما رأيت كاليوم رجلاً، وما رأيت كاليوم منظرًا. والرجل والمنظر لا يصح أن يشبها باليوم.

والنحاة تقول: معناه ما رأيت كرجل أراه اليوم رجلاً: وما رأيت كمنظر رأيته اليوم منظرًا، وتلخيصه: ما رأيت كرجل اليوم رجلاً، وكمنظر اليوم منظرًا، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وجازت إضافة الرجل والمنظر إلى اليوم لتعلقهما به، وملابستهما له، باعتبار رؤيتهما فيه.

وقال غيره: الكاف هنا اسم، وتقديره: ما رأيت مثل منظر هذا اليوم منظرًا. ومنظرًا تمييز.

ومراده باليوم: الوقت الذي هو فيه، ذكره الدماميني والبرماوي؛ لكن تعقب الدماميني الأخير، وهو قوله: وقال غيره ... الخ، بأن اعتباره في الحديث يلزم منه تقدم التمييز على عامله، والصحيح منعه، فالظاهر في إعرابه أن منظرًا: مفعول أر، وكاليوم: ظرف مستقر، صفة له وهو

بتقدير مضاف محذوف، كما تقدم أي: كمنظر اليوم، وقط: ظرف لأر، وأفظع: حال من اليوم على ذلك التقدير، والمفضل عليه وجاره محذوفان، أي كمنظر اليوم حال كونه أفظع من غيره. انتهى.

وللحموي والمستملي: فلم أنظر كاليوم قط أفظع.

(ورأيت أكثر أهلها النساء) استشكل مع حديث أبي هريرة: إن أدنى أهل الجنة منزلة من له زوجتان من الدنيا، ومقتضاه أن النساء ثلثا أهل الجنة.

وأجيب: بحمل حديث أبي هريرة على ما بعد خروجهن من النار، وأنه خرج مخرج التغليظ والتخويف، وعورض بإخباره عليه الصلاة والسلام بالرؤية الحاصلة.

وفي حديث جابر: "وأكثر من رأيت فيها النساء اللاتي، إن ائتمنّ أفشين، وإن سئلن بخلن، وإن سألن ألحفن، وإن أعطين لم يشكرن. فدلّ على أن المرئي في النار منهن من اتصف بصفات ذميمة.

(قالوا: بم يا رسول الله؟) أصله: بما، بالألف، وحذفت تخفيفًا (بكفرهن قيل: يكفرن بالله) وللأربعة: أيكفرن بالله؟ بإثبات همزة الاستفهام (قال) عليه الصلاة والسلام (يكفرن العشير) الزوج أي: إحسانه لا ذاته، وعدي الكفر بالله بالباء ولم يعد كفر العشير بها، لأن كفر العشير لا يتضمن معنى الاعتراف. ثم فسر كفر العشير بقوله: (ويكفرن الإحسان) فالجملة مع الواو مبينة للجملة الأولى، على طريق: أعجبني زيد وكرمه، وكفر الإحسان تغطيته وعدم الاعتراف به، أو جحده وإنكاره، كما يدل عليه قوله: (لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله) عمر الرجل، أو الزمان جميعه، لقصد المبالغة، نصب على الظرفية (ثم رأت منك شيئًا) قليلاً لا يوافق غرضها في أي شيء كان (قالت: ما رأيت منك خيرًا قط). وليس المراد من قوله: أحسنت، خطاب رجل بعينه، بل كل من يتأتى منه الرؤية، فهو خطاب خاص لفظًا، عام معنى.

١٠ - باب صَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْكُسُوفِ

(باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف).

١٠٥٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنهما- أَنَّهَا قَالَتْ: "أَتَيْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ -فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي. فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ أَىْ نَعَمْ. قَالَتْ: فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَاّنِي الْغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي الْمَاءَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ شَىْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَاّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَىَّ

أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ -أَوْ قَرِيبًا مِنْ- فِتْنَةِ الدَّجَّالِ (لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ)، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ -أَوِ الْمُوقِنُ- (لَا أَدْرِي أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ) فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا. فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ -أَوِ الْمُرْتَابُ- (لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ) فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ".

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن هشام بن عروة) بن الزبير بن العوّام (عن امرأته، فاطمة بنت المنذر) بن الزبير بن العوام (عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق، جدة فاطمة وهشام لأبويهما (رضي الله عنهما أنها قالت):

(أتيت عائشة) بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما (زوج النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حين خسفت الشمس) بالخاء المفتوحة (فإذا الناس قيام يصلون، وإذا) بالواو، ولأبي ذر في نسخة: فإذا (هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس) قائمين فزعين؟ (فأشارت) عائشة (بيدها إلى السماء) تعني: انكسفت الشمس (وقالت: سبحان الله. فقلت: آية؟) أي علامة لعذاب الناس (فأشارت أي: نعم)

<<  <  ج: ص:  >  >>