عنه- (مناديًا) قيل إنه بلال (فنادى من كان له عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دين أو عدة) بكسر العين وتخفيف الدال المهملة أي وعد (فليأتنا) نفِ له به (فأتيته فقلت: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لي كذا وكذا فحثا لي) بالمهملة والمثلثة أبو بكر -رضي الله عنه- (ثلاثًا وجعل سفيان) بن عيينة (يحثو بكفيه) بالتثنية (جميعًا) هذا يقتضي أن الحثية ما يؤخذ باليدين جميعًا والذي قاله أهل اللغة أن الحثية ما يملأ الكف والحفنة ما يملأ الكفّين لكن ذكر الهروي أن الحثية والحفنة بمعنى وهذا الحديث شاهد لذلك.
(ثم قال لنا) سفيان بالسند السابق: (هكذا قال لنا ابن المنكدر) محمد، (وقال) أي سفيان أيضًا بالسند السابق (مرة فأتيت أبا بكر فسألت) بحذف ضمير المفعول ولأبي الوقت فسألته (فلم يعطني ثم أتيته فلم يعطني ثم أتيته الثالثة فقلت: سألتك فلم تعطني ثم سألتك فلم تعطني ثم سألتك فلم تعطني) ثلاثًا (فإما أن تعطيني وإما أن تبخل) بفتح أوّله وسكون الموحدة (عني) أي من جهتي ولأبي الوقت من غير اليونينية عليّ (قال): أي أبو بكر -رضي الله عنه- (قلت): بتاء المخاطبة لجابر (تبخل عليّ) ولأبي ذر وابن عساكر: عني (ما منعتك) أي من العطاء (من مرة إلاّ وأنا أريد أن أعطيك) ومنعه هذا لعله لئلا يحرص على الطلب أو لئلا يزدحم الناس عليه فلم يقصد المنع الكلي.
(قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق (وحدّثنا عمرو) بفتح العين ابن دينار (عن محمد بن علي) أْي ابن الحسين بن علي (عن جابر) -رضي الله عنه- (فحثى لي) أي أبو بكر -رضي الله عنه- (حثية) بفتح الحاء من حثى يحثي ويجوز حثوة من حثا يحثو وهما لغتان (وقال: عدّها) أي فعددتها (فوجدتها خمسمائة قال: فخذ مثلها مرتين) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مثليها بالتثنية. قال
سفيان (وقال يعني ابن المنكدر: وأي داء أدوأ من البخل) وهذا يشعر بأنه من كلام ابن المنكدر، لكن في مسند الحميدي عن سفيان في هذا الحديث وقال ابن المنكدر في حديثه ففيه اتصال ذلك إلى أبي بكر، وأدوأ بالهمز على الصواب أي أقبح والمحدّثون يروونه أدوى بغير همز وهو من دوى إذا كان به مرض في جوفه فيحمل على أنهم سهلوا الهمزة.
وهذا الحديث قد سبق بعضه في الهبة وغيرها.
٣١٣٨ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْدِلْ. قَالَ: لَقَدْ شَقِيتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ".
وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي مولاهم قال: (حدّثنا قرّة بن خالد) السدوسي وسقط لغير أبوي ذر والوقت ابن خالد قال: (حدّثنا عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما-) أنه (قال: بينما) بالميم (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقسم غنيمة بالجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين وهذه القسمة كانت غنيمة هوازن وجواب بينما قوله: (اذ قال له رجل) هو ذو الخويصرة التميمي (اعدل فقال له):
(شقيت وإن لم أعدل) بفتح الشين المعجمة والفوقية أي ضللت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعًا ومقتديًا بمن لا يعدل أو حيث تعتقد في نبيك هذا القول لأنه لا يصدر عن مؤمن، لكن لا يلائمه حينئذ قوله: إن لم أعدل إلا أن يقدر له جواب محذوف، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر قال: شقيت بحذف فاء فقال ولفظ له وزيادة لقد وضم تاء شقيت، ومعناه ظاهر ولا محذور فيه والشرط لا يستلزم الوقوع لأنه ليس ممن لا يعدل حتى يحصل له الشقاء بل هو عادل فلا يشقى حاشاه الله مما يكره.
١٦ - باب مَا مَنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمَّسَ
(باب ما منّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الأسارى من غير أن يخمس) لأن له عليه الصلاة والسلام التصرف في الغنيمة بما يراه مصلحة.
٣١٣٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ". [الحديث ٣١٣٩ - طرفه في: ٤٠٢٤].
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن منصور) أبو يعقوب الكوسج المروزي قال: (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة هو ابن راشد (عن
الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن محمد بن جبير عن أبيه) جبير بن مطعم القرشي (رضي الله عنه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال في أسارى بدر):
(لو كان المطعم بن عدي) أي ابن نوفل بن عبد مناف مات كافرًا في صفر قبل بدر بنحو سبعة أشهر (حيًّا ثم كلمني في هؤلاء النتنى) بنونين مفتوحين بينهما